لم تعد حياتي كما كانت

|

حسين يونس

لا أبالغ إن قلت لكم أنَّ حياتي منذ ٧ أكتوبر لم تعد كما كانت، أشعر بأنَّ كل شيء قد تغيَّر، وكأن حياتي إما قد توقفت تماماً أو تقدَّمت تماماً.. لا أدري كيف أصفها.. ولكنها لم تعد كما كانت.

مع كل ما يحدث في فلسطين وما نشاهده على شاشات التلفاز في كل لحظة، وموقف الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، وعجز الشعوب العربية وشللها التام إزاء ما يحدث لأهلنا من مجازر وحشية وغير مسبوقة، وضياع كرامة أمة بأكملها، مع كل هذا الكم الهائل والسريع من الصدمات في وقت قصير جداً، أشعر بأنَّ أولوياتي قد تغيَّرت.. أو أنها يجب أن تتغيَّر، لكني عاجز عن إدراك تلك الأولويات، غالباً بسبب المرحلة وما تمر به أمتنا.

لدي رغبة أن أكتب لكم مقالاً بهذا الصدد.. رغبة مني بإخراج صوتي الداخلي إليكم علَّكم تشاركوني بعض أو كل ما يجول في خاطري. 

في الكتابة راحة، تفريغ ضغط داخلي، تنقية أفكار وشوائب، مشاركة مشاعر واقتراحات، الأمر الذي يقود إلى خلق أفكار جديدة بشكل يساعدنا على استيعاب الصدمات والاستمرار في الحياة.

لكن بالمقابل، نَفَس الناس على القراءة أصبح قصيراً، وتشتت أفكارهم وقلة تركيزهم أصبح عائقاً يحول بينهم وبين الكُتَّاب، يُفضِّلون المحتوى المرئي على المقروء، الأمر الذي أدَّى إلى تجفيف حبر أقلام المؤلفين، والبعض ترك الكتابة وتحوَّل لصناعة المحتوى المرئي لإرضاء الجماهير.

فكَّرت في الانتقال إلى الكتابة الروائية بدلاً من الكتابة الواقعية لتسلية الجمهور أثناء القراءة حتى لا يقع ضحية الملل، على الرغم من وجود جمهور يحب طريقتي الواقعية في الكتابة، لكنه جمهور قليل يُتابع على استحياء، ولا أدري حقاً إن كانت فكرة هذا التحوُّل صائبة، لكن لا شك أنَّ الكتابة الروائية لها سحرها وجمهورها، وليس بالضرورة أن يكون لي حظ فيها.

في نهاية المطاف، شخص مثلي يعشق الكتابة ورص الكلمات يتمنى دائماً أن يكون له جمهور يُشاطرونه نفس الشغف، ولكن على ما يبدو أننا أصبحنا قلة تحاول الصمود أمام إعصار المواد المرئية القصيرة والسريعة والهائجة، تماماً كما تحاول قضية الأمة المحورية الصمود أمام إعصار الخيانة والتصفية.

قد تكون استرحت قليلاً وأنت تقرأ هذه الكلمات البسيطة، علي أكون قد عبَّرت عن شيء ما في داخلك مشابه لما أمر به الآن، وهذا بالتأكيد من سحر الكتابة.

أضف تعليق