رأينا في حياتنا الكثير من القتل والمجازر في مناطق متفرقة من الأرض، حروب طاحنة غالباً ما يكون وراءها معتقدات تحض على مثل هذا القتل والتشريد لبني البشر، وشدني منها ما حدث في فلسطين المحتلة مؤخراً من قتل للنساء والأطفال في مدينة غزة، ونسف للبيوت والمدراس والمستشفيات، وكأن جيش العدو الإسرائيلي في مسابقة مع الزمن لحصد أكبر عدد من أرواح وممتلكات الفلسطينيين، التساؤل الذي كان دائماً يجول في خاطري … ما هذا الشيء الذي يجعل الإسرائيلي كائناً لا يرحم … ما هي هذه الأفكار العقائدية التي تشبعها منذ صغره ليقتل ويُدمر بكل هذا البرود؟!
اليوم عزيزي القارئ ستقرأ جزءاً من هذه الأفكار التي تبنَّاها اليهود منذ آلاف السنين ليُبيحوا لأنفسهم ما حرَّمه الله عليهم وعلى كل البشر، فعلى سبيل المثال، من التصرفات التي مازلت لا أفهمها، علاقة اليهود بالنصارى، فلو راجعت تصرفات اليهود معهم في التاريخ القديم والمعاصر ستفهم ما أعنيه، إذ كيف يمكن للنصارى الخنوع لحكم بني صهيون بهذه الطريقة؟! ألم يقرأوا كتبهم؟! ألم يعلموا شيئاً عن أفكارهم؟! فاليهود يشتمون النصارى في كتبهم أيَّما شتيمة ويصفونهم بأبشع الصفات، ناهيك عمَّا يقولونه عن نبي الله عيسى عليه السلام.
قد يصيبك ذهول واستغراب مماثلين عندما تقرأ على عُجالة أبرز الأفكار التي تبناها بنو إسرائيل في التلمود (1)، هذا الكتاب الذي هو بمثابة تفاسير التوراة.
للمعلومية … التوراة اليوم هي جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس عند النصارى ويُسمونها بـ (العهد القديم) وهو كل ما جاء به نبي الله موسى عليه السلام، أما ما جاء به نبي الله عيسى عليه السلام فيسمونه بـ (العهد الجديد)، وكلا العهدين مجموعين معاً تحت ما يُعرف بالكتاب المقدس (الإنجيل).
الجميل أنَّ الفطرة السليمة ستمنعك من أن تؤمن بمثل هذه المعتقدات الباطلة، فلا يمكن التصديق بأن الله سبحانه وتعالى قد أنزل – حاشاه سبحانه – مثل هذا الوحي على قوم من البشر، فقد قام دكتور فرنسي يُدعى «روهلنج» بتأليف كتاب بعنوان: (اليهودي على حسب التلمود)، وقام المؤرخ الفرنسي «إشيل لوران» بتأليف كتاب بعنوان (تاريخ سورية لسنة 1840م)، وفي هذين الكتابين نقل المؤلفان أهم معتقدات اليهود التلمودية والتي لا تمت إلى السماء ولا إلى الأرض بأي صلة … لا من قريب ولا من بعيد.
خلال بحثي عن كتب مُوثَّقة تنقل أفكار التلمود من وجهة نظر – غير إسلامية – كالنصرانية مثلاً، وقعت على ترجمة لهذين الكتابين كانا قد جُمعا معاً في كتاب واحد بعنوان (الكنز المرصود في قواعد التلمود) لمترجمه عن الفرنسية الدكتور «يوسف حنا نصر الله» والمطبوع في مصر سنة 1899م، وذكر فيه من العجائب ما لا يحتمله عقل آدمي، وسأنقل لك عزيزي القارئ مقتطفات من هذا الكتاب والذي سيفتح بصرك وبصيرتك إلى ما قد تجهله من الحقائق، فستفهم مسوغاتهم في إفساد الأرض، كتبريرهم سفك دماء غير اليهودي وقتله بدم بارد، كما شهدنا على مثل تلك المجزار الحية لأكثر من ستين عاماً في فلسطين وغيرها.
مقتطفات من الكتاب (2):
- جاء في التلمود: أن الإسرائيلي مُعتَبر عند الله أكثر من الملائكة، فإذا ضرب أميٌّ (3) إسرائيلياً فكأنما ضرب العزة الإلهية – والعياذ بالله – والفرق بين درجة الإنسان والحيوان هو بقدر الفرق الموجود بين اليهود وباقي الشعوب.
- وجاء في تلمود أورشليم صفحة 94: أن النطفة المخلوق منها باقي الشعوب الخارجين عن الديانة اليهودية هي نطفة حصان – أي نطفة بهيمة!
- ذُكر في كتب أخرى أن الكلب أفضل من الأجانب لأنه مُصرح لليهودي في الأعياد أن يُطعم الكلب وليس له أن يُطعم الأجانب وغير مُصرح له أيضاً أن يعطيهم لحماً بل يُعطيه للكلب لأنه أفضل منهم، والأمم الخارجة عن دين اليهود ليست فقط كلاباً بل حمير أيضاً.
- قال الحاخام «أباربانيل»: الشعب المختار – أي اليهود – فقط يستحق الحياة الأبدية وأما باقي الشعوب فمثلهم مثل الحمير.
- قال الرابي «مناحم»: أيها اليهود إنكم من بني البشر لأن أرواحكم مصدرها روح الله، وأما باقي الأمم فليست كذلك، لأن أرواحهم مصدرها الروح النجسة.
- قال الحاخام «أباربانيل»: المرأة غير اليهودية هي من الحيوانات، وخلق الله الأجنبي على هيئة الإنسان ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خُلقت الدنيا لأجلهم، لأنه لا يناسب لأمير أن يخدمه ليلاً ونهاراً حيوان وهو على صورته الحيوانية، كلاَّ ثم كلاَّ … فإن ذلك مُنابذ للذوق والإنسانية كل المُنابذة، فإذا مات ليهودي خادم أو خادمة وكانا من المسيحيين، فلا يلزمك أن تقدم له التعازي بصفة كونه فقد إنساناً، ولكن بصفة كونه فقد حيواناً من الحيوانات المسخرة له.
- على اليهودي ألاَّ يبالغ في مدح المسيحيين، ولا يصفهم بالحسن والجمال، إلاَّ إذا قصد أن يمدحهم كما يمدح الإنسان حيواناً، لأن الخارج عن دين اليهود يشابه الحيوان.
- غير مصرَّح للكاهن أن يُبارك الشعب باليد التي قتل بها شخصاً ولو حصل القتل خطأ أو ندم الكاهن بعد ذلك، ولكن قال الحاخام «شار»: إنه يمكنه أن يبارك الشعب بتلك اليد إذا كان المقتول غير يهودي ولو حصل القتل بقصد وسبق إصرار، فينتج من ذلك أن قتل غير اليهودي لا يُعدُّ جريمة عندهم، بل فعل يرضي الله!
- جاء في كتاب (بوليميك): إن لحم الأُميين لحم حمير، ونطفتهم نطفة حيوانات غير ناطقة، أما اليهود فإنهم تطهروا على طور سيناء، والأجانب تلازمهم النجاسة لثالث درجة من نسلهم، ولذلك أُمرنا بإهلاك من كان غير يهودي.
- جاء في صحيفة أخرى: إذا وقع أحد الوثنيين في حفرة يلزمك أن تسدها بحجر، وزاد الحاخام «رشي» أنه يلزم عمل الطرق اللازمة لعدم خلاص الوثني المذكور منها.
- جاء في التلمود أيضاً أن الكفَّار كما قال الحاخام «أليعاذر» هم يسوع المسيح ومن اتبعهُ، وقال الرابي «يهوذكيا» أن هذه اللفظة تشمل الوثنيين على العموم.
تعليقاً على ما ورد في تلك النقاط المُقززة والمُريعة يقول د. «يوسف حنا نصرالله»:
(وأنه من الأمور المستغربة أن يُباح لليهود في البلاد المسيحية وصفهم للمسيح علناً أنه صنم ولد من زنا) (4).
لعل هذا يُفسر سبب حقد النصارى القُدامى على اليهود عندما كانوا يَعون شيئاً من الكتاب، وقد يكون هذا هو السبب الجوهري وراء تنكيلهم باليهود وطردهم من أوروبا، حتى وصل بهم الأمر ألاَّ ملجأ لهم ولا أمان إلاَّ في أحضان الدولة العثمانية.
بالمقابل لم أكن أفهم سبب اجتهاد بني إسرائيل في سلخ الأوروبيين عن دينهم، ولعل السبب يعود إلى رغبة اليهود القوية بصرف أنظار نصارى العالم عموماً وأوروبا خصوصاً عن مثل هذه الأفكار، وحتى لو علموا عما يُكنه اليهود من أفكار حاقدة ومريضة ضد النصارى، فعَلمَانية النصارى اليوم ستفي بالغرض!
فبعد سنين طويلة من معاشرتي لملحدي أوروبا الشرقية في جمهورية أوكرانيا أثناء دراستي الجامعية، واليوم للغرب النصراني في أمريكا الشمالية، فهمت هذه المعادلة وأصولها والتي سميتها بمعادلة «الإنسلاخ»، فإذا أردت أن تتحكم بمصير أي أمة على وجه الأرض … فقط اسلخها عن دينها ومبادئها واربطها بالمادة والشهوات، واحصرها في معتقدات العِلم والمنطق، وستصبح هذه الأمة بعدها خانعة مطيعة حسب القوانين التي ستسنها لها، فالإنسان مفطور على أن يعبد الله الذي في السماء، فإذا جرَّدته من عبادته، لن يتوانى من أن يعبد ما دونه.
أردت بقوة التطرق لهذا الموضوع لشدة أهميته، فلابد للعرب أن يَعوا خطورة تلك الأفكار والمناهج المُتبَعة من قِبَل الجمعيات واللوبيات الصهيونية … ببساطة … استعبادهم والنَيل من حريتهم، فعندما حاولوا النَيل من معتقد العرب المسلمين في بدايات القرن العشرين ولم يفلحوا، بقيت خطتهم في سلخ المسلمين عن دينهم قائمة، وخصوصاً العرب منهم، لأنهم يعلمون يقيناً أنَّ العرب هم مادة الإسلام، وهذه إشارة إلى الأهمية البالغة لدور العرب ولغتهم وثقافتهم في نصرة الإسلام ومعرفة الحق وصيانته والمحافظة عليه.
الخلاصة، هم في الحقيقة لا يكرهوننا وحدنا، هم يكرهون كل الخليقة وكل من يمشي على الأرض من غير بني جلدتهم، وعلى الأغلب هم يكرهون بعضهم البعض … حتى أنفسهم! فمن تعود على الكره منذ نعومة أظفاره ومن غير سبب بشري وجيه، سيبقى يكره طيلة عمره، وسيتعاظم كرهه إلى أن يكره نفسه وكل من حوله، فلا يتنفس إلاَّ شراً ولا ينطق إلاَّ كفراً، ليَصدُق قول الله تعالى فيهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} سورة المائدة من الآية 64.
كلمة أخيرة، ألا يُذكرك عزيز القارئ ما قرأته الآن عن معتقدات بني إسرائيل بأحد الفرق الضالة التي تنتسب إلى الإسلام؟
أترك لك التحليل والإستنتاج!
دمتم بمحبة من الله وخير.
(1) التلمود: كلمة عبرية تعني (الدراسة) وهو كتاب تعليم الديانة اليهودية والمصدر الأساسي للتشريع من خلال تدوين نقاشات حاخامات اليهود حول الشريعة اليهودية. بمعنى آخر ومن دون تشبيه، هو يُشبه كتب تفسير القرآن الكريم عند المسلمين.
(2) الكنز المرصود في قواعد التلمود: صفحة 51 – 67، الكتاب الثالث: (فساد الآداب)، الفصل الأول، والكتاب السادس: (حياة الأجانب وأشخاصهم).
(3) الأمي: يريدون بالأمي كل من ليس يهودياً، فالأمي والأممي والكافر والأجنبي والغريب والوثني في اصطلاحهم سواء وهم حيوانات في صورة بشر، والقواعد المنصوص عنها في هذا الكتاب تشمل النصارى وباقي الأمم الأخرى الغير يهودية.
(4) الكنز المرصود في قواعد التلمود: صفحة 50، الفصل السابع: (المسيح والسلطان).