رائدات في القيادة المعاصرة

|

حسين يونس

من المؤكد أن الوطن العربي لا يخلو من الكوادر الأنثوية المتميزة علمياً وثقافياً، فهو يحوي في داخله ثلة من الأكاديميات المتفوقات، ففي السابق كان عدد الذكور أكثر من عدد الإناث مما أدى إلى تركيز الجهود الإستثمارية في الذكور، أما الآن ومع التغيير الكبير الذي طرأ على المعادلة السكانية من حيث الجنس، فالمرأة أصبحت في وقتنا الحاضر تُمثل أكثر من نصف المجتمع العربي من حيث الكم، فوفقاً للدراسات العالمية الحديثة عدد النساء في إزدياد ليس فقط في العالم العربي… بل عالمياً، وهذا مصداق ما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه مالك بن أنس رضي الله عنه أنه قال: (( إن من أشراط الساعة أن يذهب العلم ويظهر الجهل وتشرب الخمور ويفشو الزنا ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون قَـيِّـم خمسين امرأة رجل واحد )) معجم الشيوخ 2/1013.

تخيل مقابل كل رجل خمسين إمرأة، هذا شيء يدعو إلى التأمل والتفكر فيما سيحل بنا إذا بقيت المرأة في حدود بيتها لا تتجاوزه للإنخراط في منظومة المثقفين، الأمر الذي يتطلب منا العمل على تطويره وتوظيفه بشكل منهجي سليم، فلابد من تركيز الجهود على المرأة والعمل على زيادة أعداد المتعلمات والمثقفات بشكل أساسي أكثر من أي وقت مضى، فأنا أعتقد أن المرأة من فئات المجتمع الخاملة الغير مُستغلة، أو بالأحرى تم تعطيلها من قِبَل أنماط مجتمعاتنا العربية التي توكل جُـلّ أمورها للذكور دون أدنى مُراعاة لطاقات المرأة التي من الممكن إستفزازها في مجالات الإبداع المختلفة من خلال صقل مواهبها وتيسير دراستها الجامعية كما يحدث مع الذكور تماماً، ومن المهم أن تعلم عزيزي القارئ أن المرأة كانت في العهد النبوي الفريد تعمل وتشارك الرجال في بناء المجتمع ضمن الحدود الشرعية، فقد كانت على سبيل المثال تعمل على تطبيب جرحى الغزوات والمعارك، كما كانت تسأل وتتعلم وتطلب التفسير والفهم، وتصلي خلف الرجال في المساجد دون عازل.

كيف يمكن لنا النهوض بالأنثى وبعض العربان المتخلفين عقلياً يستحى أن يذكر إسم أمه أو أخته أو زوجته أمام العامة؟ في الوقت الذي وصلتنا جميع أسماء زوجات النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ورضي الله عنهن أجمعين، كما وصلتنا أسماء الصحابيات وأنسابهن، أي تخلف نعيشه؟ والأنكى من ذلك إنتشار فتوى ( صوت المرأة عورة ) في الوقت الذي لم يحرمه النبي نفسه بالعموم، لابد لنا أن نُعمل عقولاً ونعي ما هو الحلال وما هو الحرام، كما يجب علينا التفريق بين ما هو مُسلَّم وما هو مُختلفٌ عليه.

وحتى نخرج من نطاق الكلام وتنظير المقالات إلى الواقع والحقيقة، وددت طرح مثال أنثوي يُحتذى به ليس فقط على مستوى الوطن العربي… بل على مستوى العالم أجمع، فمثالنا الذي نحن بصدده اليوم هو نموذج ناجح من النماذج المعاصرة في الإدارة القيادية الحديثة، والتي إستطاعت شق طريقها المهني وبناء مستقبلها بين زحام محترفي الإدارة العالمية، الأمر الذي تطلب مجهود وعمل مضنيان.

هي الأستاذة الأردنية “ندى عبنده” التي تتميز بخبرة عمل تفوق العشرين عاماً، وتتميز أكاديمياً بحصولها على أفضل شهادات الإحتراف العالمية من جمعية إدارة المشروعات الأمريكية، فالأستاذة ندى متخصصة في إدارة المشروعات المحترفة والبرامج المتقدمة التي تحوي في داخلها مشروعات مختلفة مترابطة لإنجاز برنامج ضخم، أضف إلى ذلك حصولها على شهادة الإحتراف في إعادة هيكلة إجراءات وقوانين المنشئات وتطويرها وفقاً لأفضل النماذج العالمية المتقدمة، أضف أيضاً حصولها على درجة الماجستير في إدارة الأعمال.

تدير الأستاذة ندى منشئتها الخاصة في المملكة الأردنية الهاشمية المتخصصة في تقديم الإستشارات الإدراية وإعادة هيكلة المنشئات إستناداً إلى أفضل المعايير العالمية الحديثة، إضافةً إلى إلقاءها المحاضرات والدورات التدريبية في مجال إدارة البرامج والمشروعات.

إنَّ هذا النموذج الأنثوي الرائد في مجال القيادة المعاصرة ليدعو للفخر والإعجاب، كما يدعو إلى الوقوف والتأمل في مثل هذا النوع من التجارب الناجحة، والحث على نشره في الوطن العربي لتحريض الكوادر العربية النسائية على المضي قدماً في سفينة الرقي العلمي والحضاري، لابد من تثقيف النساء العربيات وتوعية الجيل الجديد لحجم المسئولية الملقاة على عاتقهم مستقبلاً.

“ريتا مولكهي”

ولعل الكثير من المتخصصين في مجال إدارة المشروعات المحترفة يعلمون من هي الأمريكية “ريتا مولكهي – Rita Mulcahy”، فهي النوذج الأنثوي الأول في العالم في مجال إدارة المشروعات، والتي قامت بإدارة مشروعات تفوق ميزانياتها البليونات من الدولارات، فهي بارزة ومعروفة جداً في هذا المجال، وأي مدير مشروع يرغب في إجتياز إمتحان رخصة إدارة المشروعات، لابد له من دراسة كتاب ريتا حتى يتمكن من إجتياز الإمتحان لما يحتويه من أمثلة حيَّة وخبرة غنية.

والشاهد من هذا المثال الغربي، ما سمعته من أحد الزملاء من فترةٍ وجيزة عندما طرح إسم الأستاذة ندى وعرفَّها على أنها “ريتا العرب”، الأمر الذي راقني كثيراً لمعرفتي السابقة بريتا وإنجازاتها، وإنَّ ما يُميز الأستاذة ندى، خبرتها في الإدارة المعاصرة والتي تطورت كثيراً عن الإدراة التقليدية القديمة.

وختاماً، أطلب منك عزيزي القارئ أن تسأل نفسك وتصارحها قليلاً، ألا تريد أن تقوم إمرأة مسلمة ماهرة بتطبيب محارمك في المستشفيات والمراكز الصحية؟ أترك لك الجواب على ذلك.

 

10 رأي حول “رائدات في القيادة المعاصرة”

  1. إننا لنسعد بوجود مثل هذه الطاقات الشابة المفعمة بالنشاط والحيوية والأهم من ذلك بالإنجاز. تمنياتي للأستاذة ندى بمزيد من النجاح والتقدم وللجميع بازدياد المعرفة والمهارة للرقي بمجتمعنا العربي.

    رد
  2. أشكر الأستاذة “ندى” وكل الأخوة والأخوات على قراءتهم لمقالتي مع تمنايتي للجميع بدوام التقدم والإزدهار.

    كما أتمنى دوام التواصل منكم جميعاً بقراءة المزيد مما أنشره بشكل أسبوعي، وهو ما يمثل وجهة نظري الحرة والجديدة على صعيد الفكر الثقافي العربي، كما أتمنى إضافة تعليقاتكم ووجهات نظركم المفيدة والهامة لي حتى وإن إختلفت مع وجهة نظري في المقالات المنشورة.

    هذا ما أتمناه وأتوقعه من أكاديميين بمستواكم الراقي، ولكم مني جزيل الشكر.

    رد
  3. Ms. Nada is , as usual, one of the greatest personalities that u could ever met. It was my honor to meet her personally and be one of her students. Wishing you more and more success Ms. Nada 🙂

    رد
  4. Nada is one the unique and smart people I met during my carer path; i worked with her for more than a year and learnt a lot as well. She has always been my benchmark and the reason behind me pursuing my MBA degree.

    She is a real exapmle as being a well educated Jordanian
    Muslim lady.

    Good luck Nada and all the best for more success in your personal and professional life.

    رد
  5. السلام عليكم
    الأستاذة ندى .. من أفضل المعلمات و القيادات في إدارة المشاريع بحق
    لقد تشرفت و كنت أحد طلابها .. إنها بحق مثال للفتاة المسلمة ذات الشخصية القيادية و المعرفة المتخصصة ، و الأداء المتمكن .. أسأل الله أن يوفقها لما يحب و يرضى

    رد

أضف تعليق