إحذر صحبة الحاسد، الذي كلما عَلِم من أمر الناس خيراً، ألقى بنفسه عليهم متطفلاً ومُلحَّاً حتى يُشاركهم في أمرهم وأرزاقهم، وإذا أعتذر الناس.. غضب وحَنَق، ذلك هو الحاسد. لا يملك من الأَنَفَة حظَّاً ليَصون كرامته، المال وما عند الغير هَمُّه وغايته، واعلم أنَّ صُحبته مُؤذية ومُمرضة وقد تكون مُمِيتة، فهو لا يُحب الخير لأحد، ودائماً ما يحمل الحَسَدَ في داخله كالسُّم الزُعاف.
قابلت في حياتي الكثير منهم، وقد كانوا أصدقاء منذ سنين أو من ذوي القُربى، واحتملت وجودهم في حياتي خجلاً، ولكن الخير وكل الخير كان في اجتنابهم وقطع كل صِلَة بهم، إذ لا يُرجى منهم أيُّ خير البتَّة.
من عجائب الحاسد أنَّ حَسَدَهُ يُؤثِّر فيمَن حوله، بينما لا يَتَأثَّر هو بِحَسَدِ أحدٍ لَه، فهو تماماً كالأفعى التي تحمل سُمَّها في داخلها ولا يقتلها سُمَّ قريناتها، فالأولى بالعاقل الانكفاء بعيداً عن كذا صُحبَة، وتفضيل العُزلَة عن مُرافقة أمراض مُستَعصِيَّة لا علاج لها قد تَفتِكُ بِك وبحياتك.
من الجدير بالذكر أنَّ الحاسد لا علاج له، فلم يَثبُت في التاريخ ولا من تجربتي الخاصة أنَّ حاسداً قد تاب من حَسَده، وغالباً ما يبقى يُمارسه حتى آخر نَفَس له في الدنيا.
عافانا الله وإياكم من شر ما خَلَق، ومن شر حاسد إذا حسد.