اعتزال إبليس: رؤية أخرى لفجر الشر
مع آخر خيوط الغروب الرمضاني، حيث تترقرق أنفاس الليل الأولى، انقضى أجل وثاق إبليس. شهراً كاملاً قضاه مُصفَّداً، مُنْزَعاً من سلطانه، ليُطلَقَ سراحه الآن، يتنفس عبير الحرية المُرَّة، ويستعد لنسج خيوط فتنته من جديد. ببطءٍ مُمِضٍ وهدوءٍ يشوبه إنهاك الأسر، طقطق مفاصله التي كلَّلها الصدأ، وفرك رسغيه المثقلين بآثار الأغلال، نفض عن ردائه البالي غبار السجن المؤقت. رفع عينيه المتورمتين من عتمة الأسر، فامتد بصره ليشمل أتباعه الذين اكتظ بهم الأفق، عيونهم مُعلَّقة بانتظار أوامره كالجَمرٌ المتّقدٌ، ترقب خططه الشيطانية القادمة. نظر إليهم بوهن، شبح تعبٍ عميق يخيم على ملامحه الذابلة، وقرناه اللذان كانا يوماً رمزاً لجبروته شاحبان يشهدان على …