ليس الهدف من هذا المقال (كما يُقال بالخليجي) رفع العقال أو الإنقاص من قدر الرجال، إنما الهدف هو تسليط الضوء على قضية مهمة من وجهة نظر كاتب يطمح في نيل فرصته من خلال منافسة عادلة بعيدة عن المحاباة والفوضى الإدارية، فعلى الرغم من تحديات البيروقراطية، مازال التفاؤل يشع من وجداني أملاً في الإرتقاء بالفكرة العربية، من دون تكرار مُمِل أو حشو مُخِل يقودنا إلى ألم .. يجف بسببه حبر القلم.
قصتي مع منصات التدوين العربية، هي كقصة عربي يقف على باب السفارات الأجنبية، أملاً في نيل تأشيرة إنتقالية إلى حياة آدمية، فبعد جهد وطول إنتظار، واحدة تمنح ومائة ترفض، لتبقى بعدها مُكبَّلاً بعيداً عن الأنظار، ويبقى الإصرار طوق النجاة الوحيد الذي تبدأ معه فصول الرواية، ومن هنا بدأت الحكاية:
- أحببت الكتابة منذ صغري، وعشقت رائحة الحبر والورق، وكلما أمسكت كتاباً أقرؤه أو مقالاً أكتبه، أصابني وخز جميل في صدري من شدة رهبة لقاء الكلمات المصفوفة، وربما بسبب رغبتي الجامحة في استيعاب عصارة تجارب الكتَّاب وأفكارهم.
- في سن السابعة تولَّد لدي شعور بأني موهوب في هذا المجال، لكن ولاة أمري وقتها لم يكن إكتشاف المواهب من ضمن أولوياتهم، أو ربما كانوا يرون الفكر والأدب ترف يمارسه البشر على هامش الحياة، وأمور أخرى ربما .. كانت تشغلهم أكثر أنذاك.
- كبرت وتحرَّرت وانتقلت ولاية أمري لي، وبعد تفكير عميق ومحاولات جادة، قررت أن أبدأ الكتابة بإنتظام من خلال موقع أسسته في عام ٢٠٠٨ حمل إسم (شبكة تبيان) على أمل أن يصبح يوماً صحيفة عربية ذات قيمة، وبسبب شح علاقاتي في هذا المجال، لم أتمكن من إستقطاب الأقلام المرجوة، لتتحول بعدها إلى مدونة ذاتية تحمل إسمي (HusseinYounes.com) ولا أحد غيري.
- إستمرت جهودي في نطاق ضيق لا يعلم عن كتاباتي سوى القليل، إلى أن حدث أمر نقلني بسرعة الضوء إلى شريحة واسعة من القرَّاء، كان ذلك يوم بدأت الكتابة في منصات تدوين عالمية في صيف ٢٠١٥، مع العلم أني لم يكن لدي أي علاقات شخصية مع مؤسسيها أو أحد العاملين فيها، ولم يتم تفضيلي على غيري من المدونين، فكلنا كان – ومازال – سواء في أولوية النشر، والمنصة مفتوحة لكل مجتهد، ولهذا جُعل التدوين!
- في أغسطس من هذا العام إنطلقت (مدونات الجزيرة) والتي هي الأخرى سعدت بها كثيراً كما سعدت الكثير من الأقلام الطامحة، وكان الأمل هو توسيع نطاقنا لأكبر عدد ممكن من الجمهور، خصوصاً وأنَّ الجزيرة مؤسسة إعلامية لها ثقلها في العالم العربي، ولكن مع الأسف الشديد .. توقعاتي كانت في غير محلها، لماذا؟
- منذ إنطلاقتها، قمت بكل الإجراءات المطلوبة لإنشاء مدونتي لديهم، وبدأت بتحميل مقالاتي من خلال موقعهم كما ينبغي على أمل أن أراها منشورة يوماً ما، ولكن هذا لم يحدث!
- إن لم تخوني ذاكرتي، قمت بإرسال قرابة ٧ إلى ١٠ مقالات، لم يتم نشر سوى ثلاثة منها فقط! في الوقت الذي أرسلت فيه ٥٧ مقالاً إلى منصات أخرى، تم نشرها كلها إلاَّ واحدة بسبب تعارضها مع سياستهم التحريرية، وعلى الرغم من ذلك، لم يتم إهمالي على الإطلاق، بل تمت مراسلتي وجرى نقاش حول إختلاف وجهات النظر، وإحترمت ذلك جداً.
- مقالاتي الثلاث التي تم نشرها في مدونات الجزيرة، في حقيقة الأمر قد تم دفشها لترى النور، ولولا ذلك الدفش لما نُشر منها شيء! فبعد البحث عن واسطة ومراسلات كثيرة .. تمكنت بشق النفس من نشرها، وهذا شيء مُحبط جداً ومؤلم جداً.
- في مدونات الجزيرة يتم اللجوء إلى الأسماء الكبيرة لتكتب فيها، مثل «محمد مختار الشنقيطي» و«أحمد حسن الزعبي» و«ياسر أبو هلالة» وغيرهم، وأنا لا أفهم لماذا يتم دعوتهم للكتابة في منصة جماهيرية تم تخصيصها للشعب، في الوقت الذي أفردت فيه الجزيرة قسماً خاصاً لكبار الكتَّاب تحت إسم (مقالات رأي)؟
- بالمقابل، لا أفهم لماذا يتم نشر مقاطع من دواوين شعرية لروائي مثل «د. أيمن العتوم» على هيئة مقال، في الوقت الذي أعرب فيه الدكتور نفسه في إحدى لقاءاته أنه لا يُجيد كتابة المقال؟ ما هي الفكرة من السعي وراء الأسماء اللامعة في زاوية من المفترض أنها غالباً لغير اللامعين؟
- وفقاً لتصريح مدرائها، فإنَّ مدونات الجزيرة تم إنشاؤها لتكون فرصة جديدة لجمهورها العريض كي يُعبِّروا عن آرائهم بأقلامهم، وتعلوا معها كلماتهم فوق قمع الأنظمة، ولكنها مع الأسف الشديد رضخت أقلام الشعوب لقمع القائمين على المدونة لتصبح ضحية المحاباة (أعتذر .. لم أجد كلمات أخرى أدق من القمع والمحاباة!)، كيف؟
- عندما تتابع الأقلام التي يتم نشر مقالاتها في مدونات الجزيرة، ستلاحظ أنه يتم دفع بعضها دفعاً للظهور، وهذا شيء ملحوظ جداً ولا يخفى على المتابعين للموقع، حتى أنك تجد أنَّ لهم الأولوية ليس فقط في نشر المقالات، بل حتى في تسويقها على حسابات مدونات الجزيرة في الفيسبوك والتويتر.
- منذ أسبوع نشرت مقالاً بالتزامن على الجزيرة ومنصات أخرى بعنوان (أمريكا بين الثعلب والذئب) حول الإنتخابات الأمريكية وفوز ترامب، فما الذي حدث؟ قامت تلك المنصات بالإعلان عنه في حساباتها على الفيسبوك والتويتر، في الوقت الذي أهملت الجزيرة المقال ولم يتم تسويقة أو الإعلان عنه على حساباتها.
- عندما لا يتم تسويق المقال والإعلان عنه، فهو يصبح كالذَّرة الصغيرة التي تختفي في ثقوب الفضاء السوداء لا يقرؤها أحد .. وهذا ما كان! في الوقت الذي بلغ عدد الإعجاب بالمقال على المنصات الأخرى أكثر من ١٢٠٠ إعجاب، ولا أدري لماذا قامت الجزيرة بنشر المقال إن لم يكن لديهم أي نية في تسويقه والإعلان عنه؟ وكتبت لهم مباشرة وطلبت منهم الإعلان عنه، ولكن في ثقوب الفضاء السوداء لا يسمعك أحد!
- غالباً عندما تُعلن مدونات الجزيرة في حسابها على الفيسبوك عن مقالات جديدة، تجد في خانة التعليقات إستياء الكثير من المدونين بسبب إهمال تدويناتهم التي أرسلوها إلى الموقع.
- محاباة النخبة التي يتم دفعها للظهور لم تقتصر فقط على المدونات الكتابية، بل طالت التدوينات المرئية، ففي مدونات الجزيرة الأمر ليس متاحاً لكل مَن حمل كاميرا وأراد نشر رأيه مرئياً، لماذا؟
- حاولت أكثر من مرة تحميل تسجيلات قمت بإنفاق ساعات طويلة على إخراجها وفقاً لشروط الجزيرة الصارمة، فحسب شروطهم لا ينبغي أن يتعدى التسجيل الدقيقة الواحدة، ويجب أن يكون صغير الحجم مما يؤدي إلى إنخفاض جودته بشكل كبير، وبعد محاولات متكررة على أكثر من يوم .. نجحت في التحميل! ولكن لم يتم نشر أيٍّ منها، ربما لأني فشلت في دفشها هي الأخرى، في الوقت الذي تم فيه نشر تدوينات مرئية لنفس النخبة وبجودة عالية ولمدة تفوق الدقيقة الواحدة بكثير!
- قد يعتقد البعض أنه بمجرد أن يحمل قلماً سيجد الأبواب مشرعة له، والتجربة أثبتت أنَّ هذا المجال فيه من المشقة ما الله به عليم، ويحتاج إلى علاقات كثيرة وجهود كبيرة حتى ينجح ولا يختفي في ظلام الإحباط.
- لا أريد أن تظهر كلماتي سوداوية، فليس هدفي نشر الإحباط، إنما نقل واقع تجربتي علَّها تجد آذاناً صاغية، وإن كنت فشلت في تجربتي مع مدونات الجزيرة فهناك مَن نجح معهم، أما أنا فقد نجحت مع غيرهم!
- ختاماً، أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لرؤساء تحرير جميع المنصات التي تُنصف الكتَّاب والمدونين، للإرتقاء بالمحتوى وإعطاء الفرصة لأكبر عدد من الأقلام العربية للظهور على قيد الحياة، فلهم مني جزيل الشكر والتقدير، ولن ننسى الأحبة في مدونات الجزيرة .. شكراً لكم على جهودكم، ولكن كنا نتوقع منكم الكثير!
هل كانت مقالاتك بنفس جودة هذه المقالة ..؟
سمعت أن مدونة الجزيرة لديها سياسة صارمة في جودة محتوى المقال و خلوه من الأخطاء الإملائية و النحوية …
و مقالك المنشور هنا فيه الكثير من الأخطاء و لعل من أظهرها عقدة همزة الوصل التي تكتبها كثيرا همزة قطع …
ما المنصات التي تنصح بالتوجه لها؟
في الحقيقة توقفت عن متابعة أي من المنصات، وليس لدي ترشيح لأي منها.
لقد صدمت أنا الآخر من حجم الكذب الذي يتم تسويقه هناك .. و أدركت في الحين أن الأمر يتعلق بنظام متكامل و شامل يكاد لا يستثنى منه أحد في هذا الجزء البائس من العالم .
تحياتي صديقي من الصحراء الغربية جنوب المغرب
السلام عليكم أستاذ حسين ..
ما تقرأ أحرفي إلا ويجب أن تعلم أنني أعاني من نفس المشكل والهم فمقالاتي 12 أرسلتها لموقع ساسة بوست الذي بدوره نشرها كلها بيد أن الجزيرة لم تنشر ولا مقالا واحدا.
أعتقد أنه من الأحسن إنشاء مدونة تنافسها حتى ترضخ
تحياتي لك من أرض الجزائر.