لو سألنا أي إنسان في مرحلة ما مِن حياته: (هل ترغب في إعادة صياغة حياتك؟ هل ترغب في البدء من جديد؟) غالباً ما سيكون ردَّه: (نعم، أرغب في إعادة النظر فيما أقوم به اليوم والبدء من جديد!)، وإذا سألته مباشرة: (لماذا لم تبدأ بعد؟) سيقول: (لأني لا أدري كيف أقوم بذلك!)، وهذا العائق واجهناه جميعاً، وأنا شخصياً كنت من أولئك الذين يرغبون في إعادة صياغة حياتهم أكثر من مرة، ولكني لم أكن أعلم من أين أبدأ، وماذا أفعل؟ فأحببت اليوم أن أكتب لكم طريقة سهلة وفعَّالة لإعادة رسم حياتكم بأيديكم كما تريدون، لتتحرروا من القيام بأمور لا ترغبونها وتستغلوا طاقاتكم المهدرة التي لا تعلمون عن وجودها.
لنبدأ من هنا … والخطوات التالية كفيلة – بإذن الله – أن تجعلك تبدأ الحياة الجديدة التي تتمناها:
١) إعتزل وراجع
ستحتاج إلى أن تنفصل عن تشويش الحياة وإلتزاماتها، لابد من أن تختلي بنفسك مع وقفة للمراجعة كي تفهم مجريات الأمور وما الذي يدور في رأسك من أفكار ومشاريع متضاربة، ستحتاج إلى واقعية وصراحة في التفكير والنظر إلى الأمور، ستحتاج إلى أن تعلم أين تقف اليوم وإلى أين تريد أن تصل غداً، وما الأمور التي تعيقك من إنجاز ذلك، وكرر هذا الإعتزال على جلسات إلى أن يصفى ذهنك ويستوي عقلك وتشعر أنك قادر على ترتيب أفكارك وأولياتك في الحياة، وفهم الأمور الحقيقية التي تنوي تغييرها والإقدام عليها.
٢) إستغني عن المعوقات
عندما تنتهي من فترة المراجعة خلال إعتزالك، ستكتشف الكثير من الأمور عن نفسك وحياتك التي لم تنتبه لها من قبل، كما ستتمكن من تحديد الكثير من الأمور التي كانت تحول بينك وبين الحياة الجديدة، وكي تقود هذا التغيير بنجاح، لن تحتاج أن تحمل معك من حقبة الماضي والحاضر سوى رغبتك الشديدة في تغيير حياتك، إستغني عن كل شيء كان يُبقيك في مكانك ويُعيقك عن التقدم، فقد جاء وقت التخلص منه، أَنزل عن كاهلك كل ما كان يُثقله ويمنعك من العبور إلى المرحلة الجديدة التي طالما كنت تحلم بها سواء كانت أشياء أو بشر أو أفكار أو معتقدات مهما كانت … فلابد أن تكون جريئاً لأنَّ التغيير يحتاج إلى ذلك، ومن دون تلك الجرأة ستبقى تراوح مكانك إلى الأبد.
٣) حدد رؤيتك
عندما تنتهي من عملية الإستغناء عن كل ما يُعيق تقدمك، سينتابك شعور جميل، ستشعر أنَّ مجال الحرية لديك قد زاد، ستشعر أنك أصبحت خفيفاً وحيوياً وطاقتك أعلى، وفي هذه اللحظة فقط … سيمكنك أن تحدد بدقة عالية ما الذي تريده من المستقبل، تخيل نفسك قد غادرت الحياة ونزلت إلى القبر، ما هي الأمور التي تريد أن يذكرها عنك الناس؟ ما هي تلك الأشياء التي تتمنى أن تكون مرتبطة بك؟
٤) إكتشف قدراتك
عندما تنتهي من تحديد رؤيتك وصياغة مستقبلك الذي تنوي الوصول إليه، إكتشف ما هي قدراتك وإعرف ما هي مواطن قوتك، وحاول أن تعرف إن كانت تلك القدرات هي التي ستوصلك إلى رؤيتك، فقد تكون رؤيتك غير واقعية ولا تناسب قدراتك، فإما أن تُنقح رؤيتك بما يناسب قدراتك الحقيقية، وإما أن تكتسب قدرات جديدة تناسب تحقيق تلك الرؤية، وفي كلتا الحالتين لابد من الصراحة والواقعية كي تتمكن من إنجاز التغيير والبدء من جديد.
٥) خطط للحياة الجديدة
عندما تنتهي من إكتشاف قدراتك وفهمها وربطها بواقع رؤيتك التي تنوي تحقيقها، جاء الآن وقت التخطيط الذي سيقودك إلى التغيير لبدء حياتك الجديدة بذكاء وحكمة، ومن الأهمية بمكان إدراك حقيقة أنَّ التغيير لن يحدث في يوم وليلة، وقد يحتاج إلى مدة من الزمن قد تصل إلى سنوات متتالية من البحث والعمل الشاق لإنجازه.
٦) بادر في التنفيذ
إذا إنتهيت من التخطيط، بادر بتنفيذ الخطة فوراً ولا تنتظر أحد ولا تربط مصيرك بأحد وحافظ على إلتزامك بتلك الخطة مهما كانت ظروفك ولا تسمح لأحد أن يمنعك من تنفيذها مهما كان، وإجعلها مسألة حياة أو موت، فإما تبدأ الحياة التي طالما حلمت بها، وإما أن تَبقى في مكانك تنتظر الموت الذي إستعجلت قدومه من شدة اليأس.
٧) إكتسب عادات فعَّالة
خلال مرحلة التنفيذ، ستحتاج إلى إكتساب عادات جديدة تعينك على الإلتزام بخطتك لتحقيق ما تود الوصول إليه، كالأكل الصحي والرياضة والقراءة والبحث عن المعلومة من المصدر وفنون التفكير والتواصل مع البشر وغيرها من الأمور التي ستعينك حتماً على الوصول إلى محطتك التي التنوي الوصول إليها، ومن دون تلك العادات لن يمكنك أن تستمر في التنفيذ، وستذهب الخطة إلى أرشيف العقل، إلى أن تختفي وتتبخر تماماً من دون أي فائدة، فبين النجاح والفشل شعرة دقيقة، تلك الشعرة هي العادات التي نمارسها في حياتنا كل يوم وأنت وحدك مَن يمكنه تغييرها، والإيمان بالقدرة على الإختيار في الحياة هو المحرك الأساسي للنجاج في ذلك التغيير.
٨) إبني قيم ومبادئ
بينما تكتسب العادات الفعَّالة الجديدة للمحافظة على تنفيذ خطتك، ستحتاج إلى بناء قيم ومبادئ تعينك على مواجهة فتن المسير في الحياة، فقد تعلمت أنه حشد من المبادئ يجعلك تثبت في مُعترك الحياة أفضل من حشد من الجنود، ولن يُبقيك ثابتاً في مسيرك محافظاً على توازنك سوى قيم الخير والرحمة والعدالة والمساواة، تلك القيم ستمنعك من اللجوء إلى طرق مُحرَّمة لتحقيق غاياتك.
٩) تعرَّف على أشخاص جدد
ستحتاج إلى بناء علاقات جديدة مع أشخاص يشبهون شخصيتك الجديدة التي تعمل على جعلها حقيقية، أشخاص لديهم نفس العادات والقيم والمبادئ، وقد تحتاج إلى الإنتقال من المكان الذي أنت فيه اليوم إلى آخر يمنحك تلك العلاقات، وربما تضطر إلى الهجرة بعيداً لتجد تلك البيئة التي ستساعدك على إنجاز مشروعك الجديد في التغيير، فالإنسان يتبع مجتمعه الذي يحيا فيه، ومما لا شك فيه أنَّ ثقافة مجتمعك اليوم لها بصمة كبيرة في منعك من التغيير وبدء الحياة الجديدة التي تحلم بها.
١٠) تعوَّد الروتين الجديد
أخيراً، الروتين هو الفيتامين الوحيد الذي سيُسهِّل عليك ممارسة كل ما تقدم من النقاط السابقة، ولكي تنجح في التغيير لابد من أن يصبح كل ما تقدم روتين يومي تقوم به من دون تفكير، ومن المعتقدات الخاطئة جداً أنَّ الروتين شيء غير صحي وممل، وفي الحقيقة قد يكون هذا الإعتقاد صحيحاً إن كنت تقوم كل يوم بما لا تحب أو تطيق، ولكن لو كان هذا الروتين هو ممارسة لما تحب … فهو صحي جداً وضمانك لتحقيق حلمك في بدء حياة جديدة.
لمناقشة فكرة المقال والإستماع إلى مشاركاتكم حول حلم التغيير وتلقي أسئلتكم والإجابة عليها مباشرة، ألقاكم – بإذن الله – يوم السبت القادم ٢ يوليو (تموز) في الحوار المرئي المباشر عبر صفحتي على الفيسبوك في الأوقات التالية:
- توقيت البث المباشر: ٥:٠٠ بعد الظهر (تورونتو) | ١٠:٠٠ مساء (الرباط) | ١٢:٠٠ منتصف الليل (مكة)
- رابط الصفحة: https://www.facebook.com/HusseinYounesWriter
تحديث: أشكر جميع المتابعين الكرام على إهتمامهم ومداخلاتهم وقت الحوار المباشر لمناقشة المقال أعلاه. يمكن مشاهدة تسجيل الحوار على الروابط التالية:
١) الفيسبوك: حوار مباشر على الفيسبوك (كيف تبدأ حياتك من جديد؟)
٢) اليوتيوب:
خطوات جدا قيمه و مهمه لكل من أراد أن يرقى بنفسه و يعيش حياه صحيه …
بارك الله فيك حسين لهذا المقال لأنه من المحاور المهمه والاساسيه في حياتنا … للأمام ….