يصعب علينا في وطننا العربي أن نجد القيادة الحقيقية بصفاتها الكاملة لعدة أسباب أهمها: “إنعدام الحرية”، سؤال تردد كثيراً وطالما أردت له جواباً علمياً، من هو القائد الحقيقي الذي يصلح لتولي القيادة؟ ما هي صفات القائد الذي يستطيع أن يبحث في قضايا الأمة ويُطوّر مواردها؟… لم أستطع أن أجد جواباً شافياً بسبب شح القُدوات القيادية والإدارية لدينا. ولكن بينما نُبحر في بطون كتب التاريخ العربي والإسلامي المجيد، نرى نماذجاً قيادية عظيمة، نتمنى لو أننا عشنا في زمانهم، بل إننا عندما نقرأ المواقف الصعبة التي مروا بها وكيفية تعاملهم معها قادة وعلماء وتابعيين… نتعجب، لدرجة أننا نعتقد بخرافة ما نسمع وأنها نسج من الخيال، كأننا نقرأ قصة سندباد أو الشاطر حسن.
أعتقد أن الحرية الحقيقية هي حرية الفكر والمادة، بل ويصعب أن نجد قائداً حراً بقراراته النابعة من تلقاء نفسه وبنات أفكاره.
فعلى مستوى إدارة المنشئات، عندما يُطرح سؤال من هو المدير الفعَّال، نجد الأجوبة التقليدية مثل:
-
الخبره في الحياة أو المجال الذي يعمل فيه.
-
الشخصية القوية المستقلة.
-
الحكمة في الفصل بين الأمور والترجيح بينها.
-
القدرة على التحليل.
-
بُعد النظر.
-
شمولية النظرة في القضايا المطروحة أمامه.
-
القدرة على إتخاذ القرارات.
-
القدرة على المشورة.
-
… إلخ.
ولكن ما فائدة هذه الصفات الرائعة والمدير نفسه مقيد وغير حر؟ تخيل معي لو أن هذا المدير في منشأةٍ ما، له دخل آخر مستقل مثل أسهم في شركات أخرى، أو شركة خاصة به، أو إستثمار في العقارات… إلخ، أي دخل آخر منتظم غير وظيفته الأساسية، أتراه سيكون عبداً لوظيفته؟ أم تراه سيكون حراً فيما يفكر به؟ بالتأكيد نعم، وسيكون مفيداً أكثر للعمل ونافعاً للمجتمع.
على مستوى إدارة الدولة والعالم، كيف يتسنى لنا أن نحكم ونُدير الآخرين ونحن لا نتمتع بأدنى درجات الحرية الفكرية والمادية؟ إذ أن التبعية الفكرية لأنماط الحياة لغير المسلمين والتبعية المادية كذلك لمواد حياتنا الكاملة تجعلنا منكسرين وغير أحرار في اتخاذ القرارت، فنحن أمة مستهلكة من الطراز الأول، بل حتى لا نستطيع أن نتحكم في إدارة مواردنا الخاصة بسبب أن القيادة ذهبت لغيرنا، فقد كان مكانها شاغراً والعرب منشغلون بالإستهلاك.
عودة إلى إدارة المنشئات، كيف يمكن أن تجد رجلاً صالحاً للقيادة بين كل هذا الركام؟ فالمثل الحكيم يقول: “في الحاجة تكمن الحرية”، أي مادمنا نحتاج الآخرين فلن نكون أحرار!
هذه الحكمة تجعلني أتطرق لعرض لمحة سريعة لمتطلبات القائد الحقيقي، ومنها:
-
حراً مالياً: ألا يكون عبداً لوظيفته، فلا مانع من أن يكون موظفاً، ولكن من أجل الخبرة لا من أجل المال، فلابد للقائد أن يعمل في الوظائف المختلفة حتى يكتسب الخبرة العالية ويتعرف على الأشخاص المفيدين والمرموقين لتتسع دائرة نفوذنه.
-
حراً فكرياً: لا مانع من أن يقرأ كتب غير المسلمين، فنحن مطالبين أن نتبع الفائدة أينما وجدت، والدولةُ لهم والعلم عندهم، ولكن من دون تعصب لفكر دون فكر، ومذهب دون مذهب، وألاَّ يكون إمَّعة، يًحسن إن أحسن الناس، ويُسيء إن أساء الناس كما قال صلى الله عليه وسلم، مما يؤدي به في نهاية المطاف إلى الإنغلاق الفكري والتبعيه دون وعي خوفاً من الرأي العام.
-
حراً صحياً: يجب على القائد أن يكون حراً صحياً خالياً من الأمراض المزمنة والمستعصية التي تؤدي به إلى الضعف فينحصر تفكير العقل في الأوجاع والآلام التي يعانيها الجسم.
-
حراً جسدياً: يجب على القائد الناجح أن يمارس الرياضة بشكل مستمر ودون إنقطاع، حتى يتسنى له التخلص من توتر العمل والضغوطات اليومية التي ترفع من الكولسترول الضار وكيمياء الدم فتؤدي إلى أمراض مستعصية كالضغط والسكري والسرطان وأمراض القلب والشرايين وغيرها.
وختاماً، لابد من العمل لأجل الحرية والتأسي بالناجحين، فالبقاء للأقوى والحرية نتاجها القوة، وكما ذكرنا آنفاً “في الحاجة تكمن الحرية وفي الحرية تكمن السعادة”، فلنكن السعداء.
الاخ الكاتب الفاضل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…
أود بداية أن أعرب عن شكري و إعجابي للموضوعات المطروحه و طريقة تناولها و التي تنبثق من صميم واقعنا في العالم العربي .
اسمح لي أن أوافقك الرأي و أقول أني أعتقد أن الحرية تصنع و تخلق القائد الحقيقي. القائد الذي يعرف و يقدر قدراته و مهاراته المكنونه و يستخدمها بلا توانٍ في تسيير ما يلزم، ولن يحصل ذلك إلا إذا أعطي الضوء الأخضر أو كما نقول إن أعطي الأمان.
الأخ الفاضل أبو عبد الرحمن …من قال أن الموظف إن التزم -و بحكم وظيفته الاقل كما تقول- بالقوانين التي وضعت من قبل المالك أو الاداره العليا فسوف نضمن سير سفينة العمل و نجاحها في الوصول الى المرسى المنشود،ماذا لو كان من وضع هذه الاسس و القوانين لا يتمتع بالخبره أو القدرة الحقيقيه على تحليل الأمور و اتخاذ القرارات ،للأسف ليس كل من رزق المال و امتلك منشأه كان قائدا حقيقيا آخذين بالحسبان الوضع الأغلب و إن لم يكن السائد في وطننا العربي و هو المحسوبيه و الواسطه في الوظائف التي تحتل أعلى المراتب في الهيكل الوظيفي. قد يكون لدى موظف ما كل الصفات التي تؤهله للقياده و النهوض بالمؤسسه لكن تقيده بمركزه الوظيفي و خوفه من فقدان مصدر دخله يجعله عاجزا عن استخراج طاقاته الكامنه و تسخيرها في موضعها.هل تعتعقد حقا أن المدراء و أصحاب المؤسسات -إلا من رحم ربي- يجرون الاجتماعات و يستمعون لأراء الموظفين و يشجعونهم على تفجير طاقاتهم الكامنه دون إعتبار ذلك خدشا لكبرياءهم و مكانتهم المخمليه.
ختاما أقول برأيي أنه لن يكون هناك قادة حقيقيون أحرار طالما أن فلسفة أصحاب المنشئات كما ذكرت أعلاه ” أما تنقلب الأمور و يصير واجبا على المدير أن يسمع كلام الموظف و أن يأخذ برأيه أو يحكم عليه بأنه يستعبدالناس فهذا قلب الأمور و جعلها في غير ميزانها ” بل سيبقى الموظف عبدا مستعبدا مأمورا و مسيرا من قبل القاده الخاويين، و سنبقى مكانك سر.
في البداية يجب أن نكون واقعين و نبتعد قليلا عن المثالية فاالعلاقة هي علاقة عمل أي خدمة مقابلها مال صحاب العمل أو دعنا نقول المدير له رأيه و نظريته في وضع الأسس الإدارية التي يريد أن تقوم عليها شركته و الموظف الذي في وظيفة أقل يجب أن يدرك بداية أن عليه السمع و الاستجابة للقوانين التي وضعت من الإدارة العليا حتى تستقيم الأمور و تسير سفينة العمل و على المدير أن يجعل وقت اجتماعات أو مناقشات لسماع آراء الأخرين أما تنقلب الأمور و يصير واجبا على المدير أن يسمع كلام الموظف و أن يأخذ برأيه أو يحكم عليه بأنه يستعبدالناس فهذا قلب الأمور و جعلها في غير ميزانها و للجميع الشكر
السلام عليكم أخي أبوعبد الرحمن،
أشكرك على مداخلتك.
هلَّا تفضلت وشرحت لنا وجهت نظر صاحب العمل في موضوع الحرية وطريقة تعامله مع الموظفين… بما أنك تدير مؤسسة خاصة بك؟
هل العلاقة يغلب عليها طابع الإستعباد؟ أم أنك توفر لهم الحرية في الكلام والنقاش ولا ينتهي هذا بتهديدهم بالفصل؟
لأن المقال يطرح وجهة نظر الموظف فقط، وهي كما تعلم الغالبية العضمى في مجتمعنا العربي.
يا أخي لا أدري لماذا طريقة الطرح في أكثر من موضوع و اللتي تجسد كأن الموظف و الشركة او صاحب العمل التي يعمل معهم كانهم بحرب يجب ان يكسب واحد منهم لماذا لا نقوي طريقة الطرح أنهم فريق واحد نجاح أحدهم هو نجاح للجميح.
فهل نريد أن نصل الى علاقة كره أزليه مثل الافلام العربية و ما مثلته من كره بين الحماة و زوجة الولد
أتراه سيكون عبداً لوظيفته؟ ——— جملة خطيرة