إعتزال أم

|

حسين يونس

تدوينة اليوم هي عن إبتداء المدارس والتي ستنطلق في السعودية والخليج العربي وبعض الدول العربية في الأسبوع القادم إن شاء الله. لماذا الكلام الآن عن المدرسة؟ سأخص في كلامي عن المدرسة … الأم، الأم المسلمة … الأم العربية، والتي نعول عليها كثيراً في هذه الأيام الصعبة وضيق الوقت … نحن الرجال نعول عليها في دورها في المنزل ودورها في التعليم … تعليم المنزل، فكلنا يعلم بأن المدارس الخاصة والمدارس العالمية ( الإنترناشيونال ) والحكومية وكل أنواع المدارس لن تعطي الطالب أكثر من 30% – 50%، هذا إن كانت مدرسة من أغلى المدارس وأفضل التصنيفات العالمية الموجودة حالياً، لن تعطي أكثر من خمسين بالمائة، إذاً … ما حال الخمسين بالمائة الأخرى؟! من سيقوم بتدريسها؟ من سيقوم تحمل مسئوليتها إن لم تكن الأم؟ إن لم يكن المنزل؟ الأب يصل في نهاية اليوم إلى البيت منهك تماماً … أنا أب وأعلم ذلك، أحاول أن أفكر في جدولة وقتي لي … لأسرتي … لأقوم بكتاباتي … لأكوم بالتأليف … لأقوم بزيارة أصدقاء … لأقوم بإستقبال الأقارب، ولكني في الحقيقة لا أجد هذا الوقت!، الوقت ضيق جداً والمسئوليات كثيرة وعادة ما أبدأ بتجهيز اليوم التالي، إذاً مشكلة الأطفال ومسئولية تدريسهم تفع بعاتقها الآن على الأم والأم تعلم ذلك.

في الحقيقة أكثر ما ضايقني وجعل غصة في قلبي وجعلني أقوم أتطرق لهذا الموضوع هو ما سمعته من أكثر من قصة حول كيف أنَّ الأم لا تريد أن تشارك في هذا الدور التعليمي المهم وأنها لا تريد أن تشارك الأب في مسئوليته تجاه أسرته وأولاده، كيف أنها لا تريد المشاركة؟ … فهي تريد مدرسة كاملة … كما يُقال في اللغة الإنجليزية ( Full Option ) تقوم بتعليم هذا العلم ومراجعته وتدريسه وإنجاز الواجبات والفروض في المدرسة ومن ثم يأتي الطالب وأو الطالبة إلى البيت جاهز لليوم التالي … لا يعمل أي شيء في المنزل ولا يُنفق أي وقت مع أمه في المنزل على التعليم كي لا يؤرق مزاجها!!، شيء غريب … أنا في الحقيقة جداً أستغرب، إن كانت الأم لا تريد أن تبذل هذا الجهد مع الأولاد … من سيبذله؟ إن كان الأب مشغول في لقمة عيشه وكسب رزقه خارج المنزل … وهي جالسة في المنزل، المفروض أنها تنتظر عودة هؤلاء الأطفال حتى تستقبلهم وتجهز لهم غدائهم ومن ثم تبدأ معهم بمراجعة الدروس، الأم المستفيدة من إنشاء جيل فعال ذو قيمة، إضافة إلى تطوير معلوماتها الشخصية والتي لعها لم تكتسبها في شبابها، فتقوم بإعادة ترميم هذه المعلومات.

السؤال الآن، لماذا يصدر أكثر من صوت الآن تجد فيه أخواتنا العربيات المسلمات لا يردن المشاركة في هذا الدور التعليمي الهام؟ لماذا هي تريد المدرسة بأن تقوم بهذا الفعل عنها؟ يعني أنا سمعت أحد القصص في الأسبوع المنصرم يقول فيها أحد الأخوة بأنه قام بتغيير المدرسة لأن زوجته سمعت بأن هذه المدرسة صعبة وإذا أولادها بقوا في هذه المدرسة فإنهم سيأتون بالكثير من الواجبات وهي لا تريد هذا الشيء … هي تريد مدرسة لا تعطي واجبات!!، إذاً كيف بهؤلاء الأطفال سيتعلمون إن لم يكن هنالك واجبات وإمتحانات إسبوعية؟ كيف سيأتي التعليم؟ … أنا في الحقيقة لا أدري، يقول « عمر بن الخطاب »: (( السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ))، أو كما يقول الشاعر:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إنَّ السفينة لا تجري على اليبس

كيف سيخرج لنا جيل ذو قيمة معلوماتية ثقافية يفهم الحياة إن كانت الأم لا تريد المشاركة في هذا الدور التعليمي؟ أنا أسأل الأم المسلمة والأخوات اللاتي يقلن هذا الكلام بأنهن لا يردن المشاركة في التعليم … إن لم يقمن بهذا الدور الأساسي والمهم، ماذا سيفعلن بوقتهن؟ هل سيقضين أوقاتهن على التلفاز والهواتف النقالة في القيل والقال مع أخواتهن وأقاربهن؟ ماذا ستفعل بوقتها إن لم تكن متعتها في بناء جيلاً نافعاً؟ … أنا لا أدري ولا أفهم!

من هنا أوجه خطابي للآباء، كيف يرضى الأب بأن ينقل أولاده من مارس ذات جودة عالية إلى مدارس ذات جودة أقل بسبب هذه الرغبة السلبية للأم بأنها لا تريد أن تبذل أي جهد في المنزل في تعليم الأولاد؟ مع العلم أنَّ أغلب الآباء الذين واجهوا مثل هذه المعضلة قادرون على أن يوفروا أقساط هذه المدارس ذات الجودة الأعلى.

هل يوجد مدرسة واحدة في العالم لا تُرسل واجبات وفروضاً منزلية مع الأولاد إلى المنزل؟ مستحيل … لا يوجد، حتى في مدارس أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية والمعروفة بأنها تقوم بأغلب الفروض في المدرسة قبل العودة إلى المنزل … جميعها ترسل الواجبات والفروض المنزلية إلى البيت، ولابد للأم من أن تشارك وأن تجلس وأن تسهر وأن تعيد وأن تتأكد بأن أولادها قد فهموا المادة وأنهم قادرون على الذهاب في اليوم التالي إلى المدرسة لتزيد ثقتهم بأنفسهم، فيستطيعوا المشاركة في المدرسة وشرح هذه المواد والواجبات لمعلميهم وهكذا، أنا لا أدري حقيقة كيف الأب يرضى على نفسه وبيته هذا الشيء؟ كيف يرضى بأن يُخرج أولاد ثقافتهم متدنية؟ كثير من المدارس الموجودة والتي تعد مدارس أهلية هنا في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال ولي أصدقاء كثيرون أولادهم في هذه المدارس، يشكون بأن هذه المدارس طيلة السنة وفي جميع الإختبارات أولادهم ينجحون وبإستمرار وفي النهاية يجسل ليتحدث مع أولاده في هذه المواد … يجد أولاده لا يفقهون شيئاً!، إذاً نحن نواجه مشكلة … لابد من أن نحرص على إلحاق أطفالنا … أولادنا وبناتنا … فلذات أكبادنا في مدارس ذات جودة عالية، وإن كنا قادرين … فيجب علينا أن نضعهم في أفضل المدارس، حتى لو كلف هذا جهد على الأم في البيت وكلف متابعة وسهر، فالأم تضطر في كثير من الأحيان … وأنا أذكر زوجتي كمثال … أنها تضطر أن تدرس المادة وتفهمها قبل أن تعيدها مع ابنتي، وهذا شيء طبيعي جداً، فطبعة المناهج قد تغيرت، بذات في المدارس العالمية والمدارس الخاصة التي جودتها عالية جداً، وأصبح لابد على الأم فهم المناهج والمواد حتى يتسنى لها إعادة تدريس المواد مع أطفالها، وإلاَّ كيف سيفهم هذا الجيل ما يقرأوه .. وكيف سينشأ؟

كنا نقول دائماً من أنَّ الجيل السابق تركنا للتلفاز، أو كما يُقال: ( الآباء كانوا يُنجبون، والتلفاز كان يقوم بالتربية بالنيابة عن الآباء )، وهذا حقيقة … فجيلي ومن يكبرنا قليلاً ويصغرنا قليلاً قد أنفق وقت كبير جداً على التلفاز، وهذه كانت مصيبة، فجيلي الذي يعي المشكلة التي واجهها في السابق لابد أن لا يُعيدها مع أولاده، فأنا أعد جيلنا هو جيل الترميم، نحن الجيل الذي تربي بعيداً عن فترة الإحتلال، فأهلنا كانوا تحت فترة إحتلال … إنتدابات إنجليزية وإحتلالات فرنسية وإيطالية، فجزاهم الله عنا كل الخير، فقد تحملوا الكثير من العناء حتى يوفروا الأمن ولقمة العيش لنا، فلم تكن العملية التعليمية نصب أعينهم، هم يوريدون أولادهم متعلمون، لكنهم لم يستطيعوا أن يبذلوا الجهد والوقت الكافي ليسجلسوا معنا ويعلمونا لإعتبارات كثيرة، فأغلبنا قرأ بنفسه وتعلم وحده أو بمساعدة قريب له أو صديق أو جار حتى وصلنا إلى ما وصلنا له، أما الآن … فنحن قادرون على أن نبذل كل هذا الجهد والمال والوقت مع أولادنا، فكيف نأبى؟! كيف نأبى بأن يكون لنا دور في تربية أولادنا التعليمية والثقافية والمعلوماتية؟ فالأم التي لا تريد أن تبذل جهداً مع أولادها في المنزل، فهي بالتأكيد لن تهتم بأن تبذل جهداً بأن ترى أولادها يمسكون كتاباً يقرأوه، أو أن تجلس معهم لتقرأ لهم قصة قبل النوم كما نشاهد في الأفلام الأجنبية والتي نتمنى أن نصل لها ولمثل هذه النوعية من الحياة، لن تقوم بذلك إذا ما وضعت نصب أعلينها أناه لا تريد أن تبذل جهداً في المنزل وأنَّ المدرسة يجب عليها أن تفعل كل شيء، لن تفعل المدرسة كل شيء، أضف إلى ذلك من أن المناهج الحالية يشوبها الكثير من الشوائب سواء في التربية الإسلامية أو الأمور العقدية، فلابد للأم أن تجلس وتراجع مع أطفالها لتنقي المواد وتصحح الخطاء، فإذا وجدت مشكلة عقدية في منهج معين في مدرسة معينة … لابد من أن تبادر مباشرة بالتصحيح قبل أن يرسخ الخطاء في عقل الطفل، وليجلس الأب أيضاً ويُراجع مع الأم ليفهمها للأولاد من أنَّ هذه الأمور غير صحيحة في الدين، فلا ينبغي أن يُترك الأولاد هكذا عبثاً من دون مراقب أو تحمل لأدنى درجات المسئولية، فإذا كنا لا نريد أن نبذل مجهود في التعليم، ولا نريد أن ننفق أموال على المدارس، ولا نريد أن ننفق وقتاً مع الأولاد بعد العودة من المدارس حتى نعلمهم المواد التي أخذوها ونعلمهم حل الواجبات … فماذا نتوقع من الجيل الذي سينشأ؟ سينشأ جيل ضعيف وركيك وبلا قيمة.

فأنا أدعو اليوم الأخوة والأخوات هداهم الله الذين يعتقدون واهمين من أنَّ المدرسة ستقوم بكل الأعمال نيابة عنهم، بأن يُراجعوا أنفسهم وليعيدوا حساباتهم قبل فوت الأوان، لأنه لا يوجد مثل تلك المدارس على وجهة الكرة الأرضية أبداً. أنا أخاطب الأم … العربية المسلمة بأن تعي دورها، وما يحزنني حقيقة أنَّ أغلب الأمهات اللاتي يتكلمن بهذه الطريقة هن كلهن جامعيات متعلمات، فهن كانوا طلبة من قبل ويعلمنَّ أنه لا يوجد مدارس في العالم توفر هذا الشيء الوهمي.

المدارس على الأبواب، ونحن نستثمر في أولادنا … وأولادنا ليسوا غرباء، ولا يوجد أجمل من أن أجد ولدي يستطيع أن يتكلم اللغة العربية والإنجليزية ويفقه أمور دينه ولا ويعلم أعضاء جسم الإنسان والمجرات الكونية … وهلم جرا. فختاماً أسأل الله العلي القدير أن يحفظ أولادنا وأن يُعيننا على تربيتهم وتوفير الأفضل لهم، ليخرجوا لنا جيلاً صالحاً بيعد أشد البعد عن الجهل والضعف والتدجين وذل الإحتلال والتقليد الأعمى، لينفع أمتنا العربية والإسلامية، فأمتنا بأشد الحاجة لنا، فلنتكاتف معاً لإنجاح هذا المشورع، مع تمنياتي لكم بسنة تعليمية موفقة، كل التوفيق.

6 رأي حول “إعتزال أم”

  1. وصلني الكلام التالي في بريد الكتروني. ان لم تلعب الأم الدور الأساسي في تهذيب السلوك واعتزلت, فمن؟

    الفرق بين البلدان الفقيرة والغنية لا يعود إلى قدمها في التاريخ
    فمصر والهند يفوق عمرها 2000 عام وهي فقيرة
    أما كندا واستراليا ونيوزيلندا لم تكن موجودة قبل 150 سنة بالرغم من ذلك هي دول متطورة وغنية.
    ولا يمكن رد فقر او غنى الدول إلى مواردها الطبيعية المتوفرة.
    لليابان مساحة محدودة ، 80% من اراضيها عبارة عن جبال غير صالحة للزراعة أو لتربية المواشي ،ولكنها تمثل ثاني اقوى اقتصاد في العالم . فهي عبارة عن مصنع كبير عائم ، يستورد المواد الخام لإنتاج مواد مصنعة يصدرها لكل أقطار العالم.
    مثال آخر هو سويسرا فبالرغم من عدم زراعتها للكاكاو إلا أنها تنتج أفضل شوكولا في العالم . ومساحتها الصغيرة لا تسمح لها بالزراعة أو بتربية المواشي لأكثر من اربعة أشهر في السنة إلا انها تنتج اهم منتجات الحليب وأغزرها في العالم. إنها بلد صغير ولكن صورة الأمن والنظام والعمل التي تعكسها ، جعلها أقوى خزنة في العالم.
    لم يجد المدراء من البلاد الغنية من خلال علاقتهم مع زملائهم من البلدان الفقيرة فروق تميزهم من الناحية العقلية ومن ناحية الإمكانيات عن هؤلاء في البلاد الفقيرة.
    اللون والعرق لا تأثير لهما . فالمهاجرون المصنفون كسالى في بلادهم الأصلية هم القوة المنتجة في البلاد الأوربية.
    أين يكمن الفرق إذا؟؟
    يكمن الفرق في السلوك، المتشكل والمرسخ عبر سنين من التربية والثقافة.
    عند تحليل سلوك الناس في الدول المتقدمة نجد أن الغالبية يتبعون المبادئ التالية في حياتهم :
    1.الأخلاق كمبدأ اساسي
    2.الاستقامة
    3.المسؤولية
    4.احترام القانون والنظام
    5.احترام حقوق باقي المواطنين
    6.حب العمل
    7.حب الاستثمار والادخار
    8.السعي للتفوق والأعمال الخارقة
    9.الدقة
    في البلدان الفقيرة لا يتبع هذه المبادئ سوى قلة قليلة من الناس في حياتهم اليومية
    لسنا فقراء بسبب نقص في الموارد أو بسبب كون الطبيعة قاسية معنا .
    نحن فقراء بسبب عيب في السلوك. وبسبب عجزنا للتأقلم مع وتعلم المبادئ الأساسية التي جعلت وأدت إلى تطور المجتمعات وغناها.

    رد
    • @لؤي علي, أشكرك أخي لؤي على هذه الإضافة القيمة.

      ليت الدول العربية والإسلامية يعيروا الدراسات الإنسانية إهتمام … كأبحاث علماء المجتمع والسلوك الإنساني ليتسنى لهم فهم المشكلات التي يعانيها الفرد العربي المسلم ومدى عمقها والسبل إلى حلها.

      هنالك مؤشر عام مشترك لسلوكيات الحضارات المتقدمة، ولا يمكن لنا أن نرتقي دون فهم هذه المؤشرات والسلوكيات المشتركة بين الأمم.

      رد
  2. أنا معك مليون في المائة وسر التطور في المجتمعات الغربية هو تفاعل الأهل أو الأم بالذات مع المدرسة أولياء الأمور يتطوعون في مدارس أولادهم لمساعدة المعلمة في الفصل أو في مكتبة المدرسة أو حتى في الرحلات التي تقوم بها المدرسة حتي أنهم يجتمعون في المدرسة مرة في الشهر لمناقشة أراء أو اقتراحات جديدة لصالح الطلاب طبعا أو وسائل لجمع أموال تستعمل في تطوير وسائل التعليم مثل أدواة المختيرات أو الكمبيوتر .
    أرجع لموضوع التطوع ولو لمرة واحدة في المدرسة لها رد فعل جميل على نفسية الطفل . وأعجب لمن يشكو الواجبات و في الغرب يذهبون الأباء أو الأمهات هذا ما أراه لتقديم المساعدة للمدرسة وللاولاد في المدارس .

    رد
    • @مها بشيتي, أختي العزيزة مها، أشكر مرورك وتعليقك القيم، ومرحباً بك صديقة دائمة للموقع بإذن الله.

      تعليقك في محله وصادق جداً … تعلمين لماذا؟ لأنك تقيمين في الولايات المتحدة ومطلعة على الواقع ولا تتحدثين من فراغ.

      أنا أعجب من جهة … وأشفق من جهة أخرى من الذين يصرون على أن الولايات المتحدة خصوصاً والغرب عموماً شارفوا على الإنتهاء … أنظر إليهم بشفقة بالغة لأنهم لا يفقهون الواقع ويفضلون العيش في الأحلام ويأبون الإستقياظ من سباتهم العميق.

      ما ذكرتي أختي الكريمة هو من أرقى طرق المشاركة في التلعيم، وإتاحة الفرصة للأهل والطلاب بالشعور بالمسؤولية تجاه الطالب نفسه وقطاع التعليم.

      أنا أتمنى أن أرى في يوم من الأيام مثل تلك المظاهر في إحدى المدارس العربية، لأن الحضارة والرقى لها علامات ومؤشرات، ونحن للأسف لم نرى إلى الآن أياً من تلك المظاهر في مجتماعاتنا العربية.

      كل التوفيق

      رد
  3. هناك من الأمهات من أسند مسؤولية تربية الأبناء للمربية ، ومسؤولية الطبخ للطباخة، والتنظيف للخادمة، والتعليم للمدرسة والمدرس الخصوصي إن لزم الأمر..

    وأبقت اهتمامها الكلي بنفسها ولبسها وشكلها، وحتى هذا الاهتمام لم تجتهد فيه! إنا أوكلته لصوالين التجميل!

    ونجد بعد ذلك الناس يثنون على ذكائها، ونجد زوجها فخور بها!!

    المشكلة أخي حسين ليست في الأمهات فحسب! إنما مجتمع يدعم هذه السلوكيات الخاطئة بل أنه يراها برستيج وحسن تدبير، فما فائدة دخول المرأة لمطبخ أو تدريسها لأبنائها أو تربيتهم إن كان ذلك سيفسد رونقها أمام زوج يهتم بالشكليات فحسب!

    إن كان الزواج في كثير من حالته يقوم على اختيار المرأة الجميلة الأنيقة التي تربت في كنف أسرة ثرية .. بغض النظر عن مستوى ثقافتها أو إجادتها لأعمال المنزل .. عندها ماذا يتوقع أن تكون النتيجة!!!

    المشكلة أخي في أسس خاطئة، وليس في تصرفات غير مسؤولة من الأمهات فحسب..

    طبعاً المأم ملامة، وزوجها ملام، وأهلهم ملامون لتربيتهم أبنائهم على هكذا أسس مهترئة، والمجتمع ملام في دعمه لهذه المظاهر البائسة.. أطراف كثيرة ملامة يا أخي وليست الأم فحسب!

    شكراً شكراً على هذه التدوينة القيمة الجميلة للغاية..

    رد
    • @ريم حسن, من الممكن أن يكون جزء من المشكلة ما تقدمتي به، ولكن أنا أرى سبب هذه المشكلة وغيرها من مشاكل العرب والمسلمين تكمن في كلمة واحدة … “الشعور بالمسؤولية”.

      أنا شخصياً تعرفت على الكثير من الأسر المرتاحة مالياً مع جمال في الخلقة، إلا أنهم يتمتعون بشعور عالي بالمسؤولية مع تمدن ورقي إجتماعي بعيداً عن القبلية والوثنية الإجتماعية التي أهلكت الحرث والنسل.

      مشكلتنا نحن العرب أننا لم نتعلم في بيوتنا ومدارسنا سوى الأنانية وحب الذات وعدم الإكتراث للمجتمع ولمن حولنا، ولا نتعلم أن هذه الأمة يجب أن تنهض بحسن تربيتنا لأبناءنا، فكان جل ما تعلمناه أن هذه الأمة الإسلامية هي أحسن أمة على وجه الأرض، واننا نحن الأعلى، وأننا يجب أن نبقى في المرتبة الأولى، ولكن لم يعلمنا أحد كيف حدث هذا الرقي ولماذا نحن الأمة الأولى، والأهم من ذلك أنهم لم يعلمونا كيف نحافظ على هذه الصدارة العالمية بين الأمم، وبقينا نتمتع برصيد التاريخ المجيد، حتى إستيقظنا فجأة .. وبشكل عرضي، لنجد أنفسنا في أدنى درجات العالمية وأحطها!

      لابد من أن نكترث لمن حولنا، لابد من أن نتعلم ونعلم أولادنا تحمل مسؤولية البيت والأسرة والحي الذي نعيش فيه، والطريق التي نقود فيه مركباتنا، لابد من أن نتعلم حب الناس وإحترامهم والتواضع لهم وعدم التمييز بينهم، لابد من أن نسمح للأكفاء بأن يكونوا جزءاً من منظومتنا الإجتماعية ولا نجعلهم يرحلوا بعيداً، هذه هي الطريقة الصحيحة والوحيدة للنهوض بالأخلاق العربية من جديد.

      كل التوفيق

      رد

أضف تعليق