وقفات مع قمة غزة الطارئة

|

حسين يونس

إسمحوا لي اليوم أن أرجيء الحديث عن تقنيات إدارة التفاوض للأسبوع القادم، وأن أتوقف مع قمة غزة الطارئة والتي عُـقدت البارحة في العاصمة القطرية الدوحة، في الحقيقة أود أن أعبر عن رأيي ووجهة نظري التحليلية تجاه هذه القمة. أقول أنه ولأول مرة أتابع فيها قمة سياسية بإدارة عربية وأشعر من داخلي أنَّ هذه القمة كان لها قيمة معنوية للشعب الفلسطيني ليست كباقي القمم السابقة، فالقمم السابقة كانت عبارة عن مؤامرات – مكيدة – يتم من خلالها تخدير الشعوب العربية وقضيتهم الرئيسية – القضية الفلسطينية – وتمييعها من خلال الشجب والإستنكار والخروج بقرارات باردة لا تعكس شيئاً حقيقياً على أرض الواقع، أما قمة الدوحة فقد كان لها صدى مختلف، صحيح أنها لم تحرر فلسطين ولم توقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، ولكنها كان لها قيَم مختلفة، أختصرها بالنقاط التالية:

  1. القمة لم تكن عربية: هذه القمة لم تكن عربية فحسب … بل كانت قمة إسلامية وعالمية، فقد حضر القمة ممثلين عن دول من شرق العالم وغربه كأندونيسيا، تركيا، إيران، وحتى فنزويلا التي إتخذت موقفاً مُشرفاً إزاء ما يجري في غزة حيث طردت السفير الإسرائيلي من كاراكس العاصمة الفنزويلية، أي أنها كانت قمة الشعور وإظهار الجانب الإنساني للعالم تجاه الفلسطينيين، وهذا كان واضحاً في كلمات قادة المؤتمر وتفاعلاتهم وإستشهادهم بآيات من القرآن الكريم.
  2. التمثيل الفلسطيني كان ذو قيمة: مضى وقت طويل على الشعب الفلسطيني وهو يعاني نقصاً حاداً في قيادة حكيمة تمثله إقليمياً ودولياً، فاعتذار “محمود عباس” عن حضور قمة الدوحة منح مجالاً واسعاً للفصائل الأخرى الفلسطينية المقيمة في الخارج في تمثيل الشعب الفلسطيني إقليمياً ودولياً، وهذا في إعتقادي علامة صحية لتحرير القضية من سطوة حركة فتح وإعطائها مجالاً أكبر لكي تأخذ شكلاً أكثر عدالة لصالح الشعب المحتل، أنا شخصياً فرحت كثيراً بإتحاد ثمانية فصائل فلسطينية في قمة الدوحة خلف “خالد مشعل” رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس رغم وجود “أحمد جبريل” الأمين العام لـ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة و”رمضان شلَّح” الأمين العالم لـ حركة الجهاد الإسلامي، شعرت بأن الشعب الفلسطيني ولأول مرة قد تحرر من العصابة الجالسة في رام الله – السلطة الفلسطينية – التي أهلكت الحرث والنسل وحطمت طموح الشعب الفلسطيني في العودة إلى بلده، وتآمرت عليه وعلى مستقبله، كما جعلته ضحية المؤامرات العربية والدولية المتتالية. إنَّ التمثيل الفلسطيني في قمة الدوحة كان نقطة تحول جوهرية في مستقبل القضية الفلسطينية، فطالما حاول “ياسر عرفات” تجاهل الفصائل الفلسطينية الأخرى وحصر القضية الفلسطينية وتمثيلها رسمياً بـ حركة فتح، مع العلم أن هنالك نوابغ وعقول فلسطينية لم تُعطى الفرصة وباستطاعتها فعل الكثير من أجل القضية الفلسطينية وعلى رأسهم د. “مصطفى البرغوثي” رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، آه كم قضية شعبي معطلة وإمكانات الفلسطينيين ضائعة بسبب العوائق المنتشرة من قِـبَـل مُحبي الرئاسة وعملاء بني صهيون، يقول “توماس بينThomas Paine“: ( كن قائداً، أو كن تابعاً، وإلاَّ … إبتعد عن الطريق ولا تكن حجر عثرة ).
  3. المشاركة متميزة: قمة الدوحة الغير مكتملة النصاب كما يدعي أمين عام جامعة الدول العربيةعمرو موسى” وبعض وزراء الخارجية العرب، قمة منقطعة النظير ومفيدة أكثر من القمم العربية المكتملة النصاب وذلك لحضور دول لها معنى عسكري، وإسلامي وتاريخي:
    قطر، الدولة الراعية والتي تمثل أعلى دخل فرد في العالم.
    أندونيسيا، أكبر دولة إسلامية على الإطلاق، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 237 مليون نسمة.
    تركيا، أحفاد الخلافة الإسلامية العثمانية والمتعطشون للعودة.
    إيران، الدولة الإسلامية الأقوى عسكرياً في المنطقة والتي من الممكن أن تشكل خطراً على المصالح الأمريكية.
  4. القرار الجماعي: كنت أتساءل في الأيام السابقة: ( لماذا لم يعلن أمير قطر تجميد العلاقات مع إسرائيل من خلال الكلمتين اللاتي ألقاهما في الأيام الماضية عبر شاشة التلفاز؟ )، يبدو أنَّ أمير قطر كان يريد قمة رسمية يتم من خلالها وبشكل جماعي تجميد العلاقات مع إسرائيل وإغلاق سفاراتها ووقف التطبيع وتعليق المبادرة العربية للسلام، حيث تم الإعلان بعد إنتهاء القمة مباشرة عن تجميد العلاقات مع إسرائيل من قِـبَـل قطر وموريتانيا، لماذا لم ينتظر الأمير القطري قمة الكويت الإقتصادية والتي ستعقد يوم الإثنين القادم 19 يناير 2009م؟ هل لأنه يريد أن يسحب بساط قيادة الأمة العربية من تحت السعودية ومصر؟ أم أنه رأى أنَّ قمة الكويت لن تنصف الشعب الفلسطيني المنكوب في غزة وفقاً لما أقره وزراء الخارجية العرب في الأسبوع المنصرم عندما صرحوا بأن القضية الفلسطينية بما فيها غزة ستناقش على هامش المؤتمر؟ الله أعلم.

عزيزي القارئ، إنَّ أشد ما يفطر قلبي كعربي فلسطيني مسلم، مواقف الدول العربية التي تتخذ من القضية الفلسطينية ورقة مراهنة في نزاعاتهم بين بعضهم على سيادة المنطقة، غير آبهين بما يجري في الداخل الفلسطيني، كما أنهم كان لهم اليد الطولى في إنشقاق البيت الفلسطيني، فموقف القيادة المصرية أكثر من مخزٍ والتآمر بات علنياً، متى ستمحق هذه القيادات الهالكة وترحل عن الحكم؟ ينتقدني بعض إخوتي من أبناء جلدتي عندما أتوسم خيراً في قيادة حماس وغيرها من القيادات الشابة المتحررة، عندما قاتل حزب الله إسرائيل في صيف 2006م كان الجميع يطنطنون فرحاً لصمود المقاومة، وعندما قاتلت حماس ومازالت تقاتل في غزة متوحدة مع الفصائل الفلسطينية، لم يسلموا من لسان أحد والجميع يلومهم على ذنب لم يقترفوه.

حركة فتح لها ما لها وعليها ما عليها، ولكنها لا تدري أنَّ وقتها قد إنتهى وبات عليها الرحيل وترك الساحة لقيادة جديدة، فعندما يصرح رئيس وزراء قطر بأن “محمود عباس” إعتذر عن حضور قمة الدوحة لأنه يواجه ضغوطاً، كما أنَّ حضوره القمة بمثابة قتله من الوريد إلى الوريد … فهذا يعني أنه وجبت عليه المغادرة فوراً وترك الرئاسة لمن يستحقها، فهو لا يصلح لها بعد اليوم.

إنَّ دعوة الفصائل لحضور مؤتمر الدوحة رسمياً بدلاً من الرئاسة الفلسطينية لهو إعتراف بالمقاومة وحقها المشروع وهذا إنجاز رائع، أسأل الله العلي القدير أن يوفق أبناء وطني وأن يعينهم على تجاوز هذه المحنة وأن يمكنهم من الصمود في وجه العدو المحتل وأن يرزقهم اليقين بنصره القريب.

 

رأي واحد حول “وقفات مع قمة غزة الطارئة”

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    طبعا كل فلسطيني وعربي حر حضر هذه القمه التي تعني لنا الكثير
    بحضور افراد عن المقاومه الفلسطينيه .
    وكانت شئ يضئ قلوبنا بالنور جميعا وكانت كلمة بشار الاسد تعني
    الكثير في ملخصها ان أول عربي لم يقبل التطبع مع اسرائيل وكان
    يماطل بهم لمصلحة بلاده .ولكن الذي كان مفاجئه للعالم بعد المؤتمر
    يعلنوا توقيع معاهده جديده من أبو مازن .مع مصر واسرائيل.
    طبعا حاولوا أن يقضوا على وجود المقاومه لم يعرفوا أن لا استفاده من توقيع أي معاهده للآنها ستكون باطله مع انتهاء عصر
    أبو مازن .حاولوا أن يستغلوا الوقت ولكن لامحاله لذلك.
    وعقد مؤتمر الكويت تواقت مع مؤامرة السلطه ومصر واسرائيل.
    والذي كان سيعلن انحرق باكرا وهو وقف اطلاق النار من ناحية
    اسرائيل لانهم متواطئين مع السلطه ولايريدون مكانه للمقاومه.
    لكن أنا اتوقع فشل ذريع لهذه القمه. وأدعوا لله تعالى أن يعطي القوه للمقاومه أن يستمروا باطلاق الصواريخ لنسمع صوت الجميع
    ينادي للمقاومه تفضلي مركزك الأول بيننا حتى لو كان على حساب
    ضحايا جدد .ولكن لتثبت المقاومه أكثر وأكثر.الله معهم
    وسينصرهم باذن الله تعالى وينزل على العدو حجاره من سجيل
    ان شهدائنا في الجنه وأمواتهم في النار امين يارب العالمين.

    رد

أضف تعليق