كيف يتخطى الإنسان الخوف من الأعمال الحرة؟

|

حسين يونس

السؤال « لؤي علي »: إذا إعتاد الإنسان الأمان في حصوله على أجر عمله كل أسبوعين أو كل شهر، ويرهب فكرة العمل الحر خشية أن يفقد هذا الشعور، مع العلم أنه متوقع من العمل الحر أن يبقى الإنسان بلا دخل لفترة من الزمن لا يعلمها إلا الرزاق، فكيف يتخطى الإنسان هذا الخوف ويعبر للحرية حتى لا يكون عبداً للوظيفة؟

الجواب: إنشاء العمل الخاص يعتمد على الأمور النفسية أكثر من الأمور المادية، فغالباً ما يُعيق الإنسان قضايا نفسية أكثر من أي شيء آخر مثل البيئة السلبية التي تُقدس الوظيفة وإنعدام حرية التفكير والمخالطة الحرة، ولكن بالتأكيد دائماً هنالك طريق إلى النجاح، بما أنَّ سؤالك يتعلق بالجانب النفسي لكيفية تخطي خوف الشروع في الأعمال الحرة وليس كيفية إنشاء الأعمال الحرة، سأركز في جوابي على الأمور النفسية بالنقاط التالية:

1. قد يلعب العمر الدور الأهم في هذه المعادلة، ويعود السبب إلى عدم الرغبة بالقيام بالكثير من المجازفات في المراحل المتقدمة من العمر على خلاف حماسة الشباب، لذلك قال العصاميون في عالم المال والأعمال أنه عليك المبادرة بإنشاء عملك الخاص في وقت مبكر من حياتك حتى تتمكن من تحمل الخسارة والمحاولة من جديد إذا لزم الأمر، والنصيحة الدائمة والتي تُخط بماء الذهب أنه:

البارحة أفضل من اليوم … واليوم أفضل من الغد

2. لو وظفت طاقة خوفك من فشل إنشاء عملك الخاص إلى طاقة الإنطلاق في تنفيذ عملك الخاص … ستنجح بكل تأكيد، فالإنسان لحظة الخوف والقلق يبذل طاقة ضخمة جداً قادرة وحدها على تزويد مدينة نيويورك الأمريكية بالكهرباء لمدة أسبوع، والشاهد هنا أنه لابد من توظيف هذه الطاقة الهائلة في الإتجاه الصحيح بدلاً من الإتجاه الخاطئ.
3. لو وجدت الفكرة … ذهب الخوف، فما يساعد على تجاوز الخوف من الإستقلال عن الوظيفة هو إيجاد الفكرة.
4. إذا أصبحت معالم الفكرة واضحة، إبدأ بتطبيق الفكرة على الفور واستقيل من عملك ولا تصدق النصيحة الفاشلة الشهيرة والتي تقول: (لا تترك وظيفتك حتى يقف مشروعك على قدميه) … لأنه بهذه الطريقة لن يقف أبداً على قدميه، وتاريخ الأعمال الحرة أثبت أنه لن يقف عملك على قدميه ولن يرى أي بصيص نجاح إذا بقيت في وظيفتك ولم تتفرغ لعملك الحر، لأنك وبكل بساطة ستكون مُستهلك في الوظيفة ولن تجد إي وقت لمشروعك الجديد ولا حتى فضلات الوقت، أضف إلى ذلك من أنك ستبقى تعيش بنفسية المستغني … والمشروعات الجديدة لا تريد منك هذه النفسية، تريد منك أن تستموت لها وأن تتعامل معها على أنها طوق نجاتك الأخير … وصدقني وقتها سينجح المشروع أياً كان نجاحاً باهراً.
5. البيئة مهمة جداً، وتأكد تماماً من أنك لن تتخطى قيد أنملة في مجال عملك الخاص لو بقيت تخالط أصحاب الوظائف … العبيد، فهم الذين يجعلون من حلمك مستحيلاً، ولو تخطيتهم لتجالس وتخالط العصاميين الأحرار أصحاب المنشآت الخاصة، وقتها فقط ستدرك أن هذا الحلم قابل للتحقيق وأنه ليس مستحيلاً على الإطلاق.
6. الإنسان مستعد أن يبذل الجهد لصاحب العمل، ولكنه يتلكأ دائماً في أن يبذل هذا الجهد لنفسه ولأحلامه، فالإنسان يتمنى كل يوم عشرات الأشياء في حياته ولكنه لا يُدرك منها إلاَّ القليل … أو قل لا شيء، لأنه في الغالب لا يُدرك منها إلاَّ الأمور السهلة والتي لا تحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت والمال … أي أنه لا يوجد بها مجازفة، فكل فحوى العمل الحر يكمن في المجازفة والقدرة على تحمل تبعات تلك المجازفة.
7. الإمتياز (الفرنشايز): هنالك نصيحة قيمة في الحقيقة لمن لم يُنشيء عمله الخاص بعد، ألا وهو التوجه إلى الحصول على حق الإمتياز (الفرنشايز) لفكرة مطبقة على أرض الواقع لسهولة التطبيق.
8. لا تكن كثير النظام والإنضباط في قضية العمل الخاص … على الأقل في بداياته، فقد رأيت في حياتي أنَّ كثيري الفوضى هم الأنجح والأجرأ على إنشاء الأعمال الحرة مقارنة مع كثيري النظام والتخطيط والذين غالباً ما تضيع أفكارهم سدى. في بعض الأحيان العفوية جميلة ومفيدة والمجازفة قد تساوي مالاً طائلاً، فأبذل الجهد في إيجاد الفكرة وتطبيقها بدلاً من إضاعة الوقت في تنظيمها.

ختاماً، لابد من إدراك حقيقة مهمة هنا … أنه ليس بالضرورة توفر النجاح عند توفر الرغبة وجميع الحسابات الدقيقة، كن جاهزاً لتقبل فكرة الفشل وأنه أمر طبيعي تماماً، والفشل يقيناً يتواجد إذا غابت مهارة معينة أو خبرة معينة، فهي ليست النهاية بكل تأكيد، إذا فشلت وعلمت أسباب الفشل، عد من جديد دون إعادة نفس الخطأ وستضع لبنة جديدة في صرح النجاح.

كل التوفيق.

13 رأي حول “كيف يتخطى الإنسان الخوف من الأعمال الحرة؟”

  1. سلام تام للجميع.أخوكم يوسف من المغرب.حقا استفذت كتيرا من هذه المقالة التي وجدت فيها كل أجوبتي.فأنا موظف في قطاع حكومي وملزمون بعقد إلزامي.فهذه أصبحت الطريقة الوحيدة لكل الشباب الباحت عن الوظيفة.لا أخفيكم علما أنني لا أشعر بالإرتياح فيها رغم التوفيق من الله من إيجادها في زمن أصبح فيه إيجاذ عمل أمرا صعبا. حاليا أفكر في بذء مشروع مستقل أجد فيه ذاتي وراحتي إنشاء الله.وأتمنى من العالي القذير التوفيق حتى أصبح صاحب مشروع ناجح.

    رد
  2. شكراً لك على المعلومات المهمة .
    كلامك في عين الصواب
    أريد منك متابعتي حتي نستفيد من خبرتكم الفاضلة.
    المتابعة عن طريق ملاحظات الأيميل .
    ونستفيد من خبراتك
    الفكرة على الموضوع تريد عزيمة وجدية بالموضوع
    1) التضحية بالمال والمجازفة ونزع الخوف والتردد والشك تصبح مطمئن بالمشروع .
    2) جالس أصحاب الفكرة المنفذين للمشروع .
    3) لاتعتقد ولا تضع الخسارة عائقاً على طريقك .
    4) ضع في أعتقادك الخسارة قبل الربح .
    5) المشروع لو فشلت هذا درس لنجاح في مستقبلك.
    6) لازم تستفيد من الأخطاء ولا تجعلها حاجز .
    نصيحة في حال عدم أو تأخير المشروع خسرت فكرة المشروع وارجو منكم تستفيدون من الأخطاء فهذة فوائد في مستقبلك

    * قصة أذكي رجل في العالم أخترع أوأبتكر 1000اختراع في كل أختراع واحد فشل 1000مرة حتى أنجزالفكرة .ولو فشلت مرة لاتجعل هزيمتك على الفكرة السيئة . بل أعطي نفسك فرصة وكن متفائل حتي لو خسرت المال مرة الي الف مرة .
    وشكراً

    رد
  3. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

    في البداية أوجه كل الشكر للسيد حسين يونس و بارك الله فيك أنا استفدت كثيرا من هذا المقال الأكثر من رائع و أتمنى الحصول على إجابة لسؤالي ما هي أساسيات و مقومات أي عمل حرة ؟
    جزيت عنا خير الجزاء

    و شكراً

    رد
    • وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي عايدة، وشاكر مرورك وسؤالك.

      إجابة على تساؤلك فيما يخص المقومات الأساسية للعمل الحر، في الحقيقة هنالك أمور كثير مهمة مرتبطة بالجانب النفسي الذي تطرقت إليه في هذه التدوينة، وأهمها في نظري:

      1. الفكرة: هي نواة مشروعك الحر، هذه الفكرة لابد أن يميزها الحاجة الحقيقية من قِبَل سوق الذي ستطرح فيه، ولابد من أن تكون واقعية وقابلة للتطبيق. طبعاً فكرة المشروع يمكن أن تكون في مجال المال والأعمال، اللباس، الطعام والشراب وهكذا.

      2. دراسة جدوى: لابد من إجراء مثل هذه الدراسات قبل الشروع في أي شيء حول فاعلية هذا المشروع، قد يكون ناجحاً من حيث الطلب عليه ولكن تكلفته مرتفعه ويحتاج إلى الكثير من السيولة المادية لضخها حتى ينجح، الشيء الذي قد لا تنتبيهن إليه في بداية المشروع وتتفاجئين به بعد مضي الأشهر الأولى، وفي هذه الحالة ربما تحتاجين إلى قرض من البنك أو إلى البحث عن شريك لتمويل فكرتك، إضافة إلى البلد الذي سيتم تطبيق فكرة المشروع فيه، على سبيل المثال أغلب المشروعات في مختلف المجالات غالباً ما تكون ناجحة في دول الخليج العربي، بينما يفشل جلها في دول مثل الأردن ومصر وسوريا ولبنان، السوق هنالك ضيق مقارنة مع السوق الخليجي ودولهم تفرض الضرائب العالية والشعب لا يتمتع دائماً بسيولة مادية.

      3. التسويق: هذه النقطة الأهم في كل ما تقومين به، الستويق هو الركيزة الأولى والأخيرة لنجاح فكرتك، ومن دونها على مشروعك السلام إلى يوم يبعثون. لابد من إقناع العميل بمد يديه إلى جيبه ليخرج نقوده ليشتري منتجك، وفكرة التسويق دائماً ما تدور حول محاكاة الجانب النفسي والعاطفي لدى الإنسان أكثر من الجانب العقلي، وهذه تحتاج إلى خبراء تسويق ومتخصصين يمكن أن يساعدوك في سرعة نشر منتجاتك.

      4. العلاقات: علمتني الحياة أن العلاقات في قضايا العمل الحر هي التي تبني النجاح بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، فلان بعث عليك فلاناً آخر، والفلان الآخر بعث عليك آخر … وهكذا، حتى يصبح منتجك عدوى يتناقلها الجميع.

      5. التفرغ: العمل الحر يحتاج إلى أكبر وقت ممكن من صاحب العمل حتى ينجح، فقد رأيت الكثير من المشروعات خسرت وإنتهت رغم أهمية فكرتها لأن صاحب العمل لم يكن في الوقت المهم والصحيح قائماً على رأس عمله.

      الموضوع يطول في هذا السياق، ولكن أعتقد أن هذه المقومات هي الأهم في سياق المقومات أساسيات للعمل الحر. لعلي في المستقبل القريب أتطرق له في مقال مستقل وبعمق أكبر.

      أتمنى أن تكون المادة قد أجابت جانباً من تساؤلك.

      كل التوفيق

      رد
  4. * الإخوة الكرام … أنا على مشارف الخمسين … و في شهر فبراير الماضي قررت أن أستقيل من عملي و البدء بعمل خاص بي و بأولادي و ذلك بعد أكثر من 12 سنة كمدير تطوير أعمال في شركة سيارات عالمية … مرت الشهور الست الأولى بدون أي دخل يذكر و تراكمت علي الديون و خطرت ببالي فكرة البحث عن وظيفة مرة أخرى و لكن الذي شجعني على المقاومة هو “وجود الفكرة” و هي إنشاء مكتب للإستشارات الإدارية و التدريب و دراسات الجدوى. وجود الفكرة إضافةً لوجود شبكة معارف على مدى 25 سنة في دول الخليج العربي أعطاني الأمل بنجاح هذا المشروع ….. ففي شهر أغسطس الماضي بدأت تهل علي طلبات التدريب من جهات رسمية و حكومية من دول الخليج العربي لم أكن أتوقع أن أتعامل معها … و منها وزارات ذات حساسية كبيرة …. الغرض من مدوني هذه هو تذكير الجميع بأن النصر ما هو إلا صبر ساعة ……. و الله الموفق

    رد
    • ألف مبروك أخي أبو كامل وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لك التوفيق والنجاح في مشروعك المستقل.

      كما أشكرك على مرورك وتعليقك والذي أضفى على الموضوع مثال عملي رائع وأمل في الإستقلال المهني مهما بدأ الإنسان متأخراً، ولكن الأمل بالله كبير، وما ذكرته في تعليقك أثبت النقاط التي ذكرتها في جوابي على السؤال.

      ما ميزك حقاً عن باقي الأمثلة الشبابية، إنتقالك من ناحية التخطيط والتنظير إلى ناحية التطبيق، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير، فأغلب الشباب العربي مع الأسف يهدر وقته في الحلم والهيام من دون أن يُكلف نفسه الإنتقال لمرحلة التنفيذ، مما يزيد من تعاسته.

      كل التوفيق،

      رد

أضف تعليق