كيف نتعامل مع عواقب الفشل الإداري للمؤسسة؟

|

حسين يونس

السؤال « الإسم ليس للنشر »: أخي حسين جزاك الله كل خير على كرمك الفيَّاض في تقبل الأسئلة. سؤالي لك هو أنَّ شخصاً عمل في مجال الوكالات الحصرية، وهو الممول لها، وقد أعطى صلاحيات مطلقة لأحد مديري المؤسسة وكان يثق فيه بشكل كبير، وبعد مرور ثلاث سنوات من عمر التوكيل، أتى الممول (صاحب العمل) ليحاسب الشخص المُوَكل له بعد أنَّ علم بأن المؤسسة قد تورطت في ديون كبيرة، وأنه قد خسر كل ما يملك، وذلك بسبب أنَّ المُوَكل له كان يدفع رسوم غير شرعية لأعماله الخاصة، ويدفع رسوم لمصاريف المؤسسة بطريقة تحول له كامل الأرباح وكامل الفوائد التي هي لصالح الموسسة. في نهاية المطاف تم فصله من العمل واتخاذ الإجراءات اللازمه ضده، لكن حتى هذه الإجراءات القانونية لم تجدي نفعاً، فقد كان الرجل حريصاً على تحويلها بشكل رسمي، لأنه كان مُوَكل بجميع الصلاحيات، فلم يتمكن القانون من محاسبته.

إستفساري هو أنَّ الشخص الممول (صاحب العمل) والذي خسر كل ما يملك من أموال مازال يتعلق بقشة من الأمل، ومازال يكابر على أن يلم بأي وكالة حصرية، كما أنه يدفع رواتب الموظفين ونفقات المؤسسة من دون دخل يُذكر، مع العلم بأنها تكلفه مبالغ خيالية وهو يستدين هذه النفقات بالكامل، فهل ترى بأن يُكمل المكابرة؟ أم بماذا تنصح من خلال رؤيتك؟ أتمنى أن تكون قد وضحت الفكرة، مع خالص مودتي لشخصكم البـنَّـاء.

الجواب: مرحباً بك أخي الكريم، وبداية إسمح لي أن أعلق من خلال ما تفضلت به من سؤال، أنَّ صاحب المؤسسة يبدو أنه رجل أعمال ناجح في مجال العلاقات العامة وإجتذاب الوكالات الحصرية وتسويقها، ولكنه عكس ذلك في مجال الإدارة بشكل عام، وإدارة المخاطر والخطط البديلة بشكل خاص.

يبدو أنَّ لهذا الرجل معزَّة كبيرة في قلبك حتى تبادر في إيجاد حلول لمؤسسته، أو أنك وفيٌّ للمؤسسة، وهذا شيء جميل تُحمد عليه.

لو كان إفتراضي في محله من أنَّ صاحب المؤسسة ناجح في مجال العلاقات العامة والتسويق، فهو يقف اليوم بعد هذه الأزمة أمام مفترق لحلَّين، أحلاهما مُرّ:
الحل الأول: وهو مبني على ثلاثة مراحل:
1. أن يقوم بدراسة جدوى من جديد لهذا العمل، بمعنى أن ينتهي إلى حقيقة فحواها: هل هذا العمل مازال مُجدياً؟ أم أنَّ العمل على هذه الوكالات أصبح غير مُجدٍ بسبب أنها قد تكون معدومة أو صعبة المنال؟
2. إذا كان صاحب العمل واثقاً من خلال خبرته في السوق من أنه قادر على الحصول على وكالات حصرية جديدة صالحة للتسويق، فإنه لابد له من خطة عمل جديدة بمنهج مقشَّف، سيضطر من خلالها إلى تقليص عدد العاملين إلى أقصى درجة من دون إلحاق الضرر بالعمل حتى يقف على قدميه من جديد، ويتعامل مع المؤسسة وكأنها مشروع جديد يحتاج إلى عامين أو ثلاثة ليزدهر، وبعدها يبدأ بتعيين الكوادر المطلوبة حسب الحاجة من دون تفريط.
3. إذا كانت نتائج دراسة الجدوى إيجابية وقد رسمت طريقاً واضحاً للمدة التي ستحتاجها المؤسسة لتقوم من جديد، فعليه أن يجد حلاً لمشكلة التمويل، إما بإستدانة من مصرف أو أحد أقاربه، أو إيجاد شريك يقتنع بفكرة المشروع ليُشارك بتمويله.

الحل الثاني: إذا كانت نتائج دراسة الجدوى سلبية، وصاحب المؤسسة غير واثق من حصوله على أي وكالات في الوقت القريب من الممكن تسويقها، فعليه أن يقوم بتصفية المؤسسة أو بيعها، والشروع بتأسيس مؤسسة جديدة وبإسم جديد إذا كان مازال عنده نفس الحماس للأعمال الحرة، أضف إلى أنه قد تكون المؤسسة الحالية قد خسرت اسمها اللامع في السوق، مما سيؤدي إلى الإعراض عن التعامل معها، خصوصاً وهي مرهقة بالديون.

طبعاً أنا أعتقد أنَّ صاحب المؤسسة قد تعلم درساً قاسياً في الإدراة، ولا أدري كيف مازال أرباب الأعمال يمنحون ثقتهم لأشخاص من خلال وكالات عامة !! هذا شيء قمة في الغرابة لا يقع فيه إلاَّ عديمي الخبرة في عالم الأعمال، أو ثقة زائدة عادة ما تكون قد وضعت في شخص قريب أو شيء من هذا القبيل.

الأصل إذا ما بدأ الإنسان في خطة عمل، يجب عليه من اليوم الأول أن يشمل في خطته حلولاً بديلة لمثل هذه المواقف تندرج تحت بند ( إدارة المخاطر ) أو ( إدارة الأزمات )، حيث يضع فيها صاحب المشروع أسوأ الإحتمالات التي من الممكن أن تواجه المؤسسة أو الشركة، وإذا وقعت هذه الإحتمالات – لا قدر الله – كيف يكون الخلاص؟

طبعاً من المعلوم أنَّ أغلب المستثمرين العرب ينشؤون مؤسساتهم وشركاتهم على بركة الله كما يُقال، ولا تكون هناك أي خطة على الإطلاق.

تأكد عزيزي السائل من أنه دائماً هنالك حل، وهذه الحلول التي قمت اليوم بطرحها لسؤالك مبنية على ما أعطيتني من معلومات في سؤالك، ولعل الحلول والأجوبة تتطور وتتغير حسب قدر المعلومات التي تُقدَم.

أسأل الله الخير لك ولصاحب العمل، وبإذن الله هذه المؤسسة سترى روح النجاح بمثل أشخاص صالحين مثلك يعملون فيها.

كل التوفيق.

أضف تعليق