عندما يحدثني التاريخ عن الأولين وما جرى في موقعة « الجمل » و « صفين » من إنشقاق الأصحاب والأحبة إلى أعداء كل يدعي الحق لديه، أجلس مذهولاً حائراً مما أقرأ، وعندما يحدثني كيف انكفأ المسلمون مخذولين أمام المغول في بغداد، أعجز عن فهم كيفية حدوث ذلك، وعندما يحدثني كيف رفض الخليفة العباسي في بغداد الإستجابة لنصرة صلاح الدين الأيوبي من المذابح الصليبية لأنه تلقب بلقب « الناصر » الذي لا يجوز إلاَّ للخليفة، أتعجب من شدة الخساسة التي كانت تملأ نفسية الخليفة، بل كيف قام وزير الدولة العبيدية ( الفاطمية ) الرافضي « شاور » بالتآمر مع الصليبيين ضد « أسد الدين شيركوه » والمسلمين في مصر … شيء لا يُصدق.
ثم تدبرت حالنا اليوم وتساءلت … إن كانت هنالك نقاط سوداء في تاريخنا السابق … كيف سيذكر التاريخ حقبتنا الحالية؟ هل نحن على حال خير من أسلافنا؟ كيف سيصف التاريخ بقعة الظلام التي نعيشها والتي تعد الأسوأ في تاريخ البشرية؟ هل سينظر إلينا أحفادنا وأحفاد الأمم الأخرى كعلماء بارزين؟ أم كأذلاء صاغرين؟ … فقط فكرت وجلست أتخيل نفسي في حقبة المستقبل البعيد بعد 500 عام من اليوم، وتخيلت أني أقرأ كتب المؤرخين الحاليين كـ « محمد حسنين هيكل » و « عزمي بشارة » وغيرهم من الكتاب المعاصرين، تماماً كما نقرأ اليوم لـ « إبن الأثير » و « إبن كثير » و « الواقدي » وغيرهم ممن حفظ لنا أخبار الأولين الذين سبقونا بمئات السنين.
بينما كنت أتخيل ما سيقوله عنا القادمون عندما يقرأون تاريخنا، تجمدت أطرافي من هول ما قرأته عن يومنا، حقبة قمة في الذل والخنوع، تخيلوا معي هذا الحوار الذي يدور في عام 2510م بين أب وابنه الذي يسأله عن حال الأمة الإسلامية منذ 500 عام، فيرد الأب بحرقة كبيرة لهول ما قرأه عن أخبار الأولين فيقول:
———- بداية الحوار ———-
يا ولدي، ماذا أقول لك عن أخبار الأولين، كانوا أذلاَّء خانعين، كسالى لا يُستجدى منهم شيء ولا حتى كلمة حق … بل الأموات أقرب إلى الإستماع منهم، لم يكن لهم أي قيمة … غثاء كغثاء السيل، فقد كانت أرضهم مرتعاً لأعداء الله من اليهود والنصارى وكل طامع، وثرواتهم كانت حلالاً للغرباء حراماً على الأقرباء، فرعون كان رتبة عظيمة في أروقة الدولة الرسمية تماماً كرتبة المشير و اللواء، والذين حصلوا عليها كانوا كثرا، دولة الخلافة إنقسمت إلى أكشاك منقطعة الأوصال، تعداد راياتها لم يبلغ له مثيل ولا حتى في زمن دويلات الطوائف الأندلسية، فقد زادت عن خمسين راية لخمسين أمير مؤمنين … يؤمنون بالكروش والعروش وبمن يحفظها عليهم من الزوال، تخيل أنَّ المسلمين لم يتمكنوا من التجوال بين أراضي المسلمين إلاَّ بإذن مُسبق من أمير المؤمنين حفاظاً على الأمن والأمان، وتأشيرات العبور لم تكن إلا للمسلمين، واليهود والنصارى كانت لهم اليد العليا في الأراضي والثروات من غير تأشيرة ولا إذن مُسبق، بل كانت لهم معابر خاصة في مرافئ المسلمين لأن وقتهم ثمين، عبيدنا أصبحوا أسياداً في زمان أجدادنا يُستَقبلون على السجادة الحمراء في قصور أمراء المؤمنين، تُطلب شفاعتهم لإيقاف القصف على المسلمين في العراق وفلسطين، كان أمراء المسلمين أذلاء أكثر من ذل « أبي عبدالله الصغير » لـ « فريناند » و « إيزابيلا » في الأندلس، كان المسلمون نعاجاً تذبح في الشيشان وبورما وكشمير وأفغانستان والعراق وفلسطين، كانت البوسنة تحترق بنار الصرب الصليبيين، والمسلمون بلداء لا يُرجى منهم قطرة ماء، كان لليهود دولة آثمة في فلسطين بموافقة أمراء المؤمنين ودماء صلاح الدين مازالت دافئة لم تجف بعد، كانت رؤوس المسلمين تجز في جزر الملوك الأندونيسية دون رحمة على أيدي النصارى الحاقدين، وبيوتهم تحرق على مرأى ومسمع أمراء المؤمنين، والشعب لاهٍ في الألعاب الرياضية وأخبار الفنانين، ينتهي من تناول فطوره وهمّه طعام الغداء والعشاء، كان الرجال لصيقي المنازل … لا يُـمَــيَّـزون عن إناثهم، الذكور كانوا كثراً والرجال كانوا قلة، والهِمَمُ كانت معدومة والإهتمامات كانت تافهة، هكذا كان حال المسلمين يا بني منذ 500 عام، أحمد الله أني لم أولد في زمانهم الأسود.
كانت الحضارة لليهود والنصارى ولمن يعبدون الأبقار والنار، وكان المسلمون يبذلون الغالي والنفيس للهجرة إليهم من فرط ما عانوا من التدجين في بلدانهم الإسلامية … بل أكثر مما عاناه مدجنو الأندلس على يد نصارى الإسبان في محاكم التفتيش، فعندما إجتمعت قوى الكفر اليهودية والنصارنية والرافضية على إسقاط العراق عام 2003م … عانى المسلمون هنالك أشد معاناة، فقد روي في كتب المؤرخين أنَّ مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين من الذين لاذوا إلى بغداد بعد سقوط بلادهم في أيدي اليهود الغاصبين، طلبوا اللجوء إلى البلدان الإسلامية المجاورة حماية من سفك القرامطة … ولكنهم بقوا على حدود سايكس بيكو في خيام لا تصلح حظيرة للبهائم، وبعد سنتين من الذل المركب عليهم وعلى عائلاتهم، قبلت الدول الصليبية إحتوائهم كالبرازيل والسويد والدانمرك … والمسلمون والمسلمات أكثر ولاءاً للشيطان من الله … وحسبي الله ونعم الوكيل.
ماذا أقول لك يا ولدي عن زمان الأولين، كان الزنى من شيم الرجولة، والخنوثة ذوق لا يُضاهى، ونكاح المحارم ليس له دواء، والفجور حرية، وأكل الحرام ذكاء. كان المسلمون يُهلِكون الحرث والنسل في الشوارع والطرقات التي خلا منها الأمان بين سباق المركابات وخُيلائها، وغياب النظام والحقوق عن أرضها، كانت الطرقات تُضيَّـق على الجادِّين أصحاب الطموح، فلم يكن لهم مكان متين، والعنصرية كانت في أوجها … بل تفوقت على قبلية قريش، والإسلام كان قناعاً يُـفَصَّـل حسب مقاسات هوى ومصالح البيت الأبيض، مقاسات ليس لها وجود في قاموس الأرقام العددية، كان المنطق شيئاً ليس له وجود والبرود هو الفلسفة السائدة.
———- إنتهى الحوار ———-
غيض من فيض، تخيلوا كيف سيذكرنا التاريخ … التاريخ نصنعه أنا وأنت وكل من عاش هذه الحقبة من الزمان، كل مساهمة بناءة في زمن الظلام محمودة وسيسجلها التاريخ، عزيزي القارئ لابد من إضاءة شيء من ظلام اليوم، النقاط المنيرة يحفظها التاريخ حتى وإن كانت ضئيلة بين ركام الظلام، ولكن أن لا تفعل شيئاً أبداً … فأنت تضع مزيداً من اللَبنات في جدار الظلام.
لفتة توعوية في بداية عام 2010م لمن لم يدرك بعد مدى الظلام الذي يسود زماننا، ومدى غور جراحنا، ومدى العفن الذي أغرقنا تماماً، ومازلنا ندعي أننا على خير وفينا خير، وزماننا أسوأ فترة عرفها التاريخ الإسلامي، بل أسوأ من فترة ذل بني إسرائيل مع فرعون مصر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
النجاح والعزة إختيار … والفشل والذل إختيار أيضاً، وكما قال الشيخ محمد الغزالي: ( إنَّ الله اختارنا أن نكون دول العالم الأول ونحن اخترنا أن نكون دول العالم الثالث )، فأحسن إختيارك وكل عام وأنتم بخير.
اخي و حبيبي– تذكروا يوم بدر و انتصار المسلمين و في احد و بسالة المؤمنين و الخندق و رعاية رب العالمين و فتح مكة و عفو رسولنا الكريم و يرموكا و عين جالوت و حطين فيها فخر للاولين— و تذكر هارون الرششيد و تسيريه جيشا من اجل امراة م عفاف الطاهرين و صلاح الدين و تحرير الاقصي العظيم — تجد قريبا نصرا اكيدا محققا بوعد رب العالمين هنا في هذا النصر انت و هم و انا نكون من اوائل الفاتحين فابشر اخي و ثق بخالق عظيم
@ابو عمر حمدي بيرو, أسأل الله أنا يُحينا جميعاً حتى نرى نصرنا على أنفسنا وتمكننا منها … وقتها فقط سنتمكن من أستاذية العالم من جديد.
فعلا كلام حقيقي وواقع مؤلم,يدعو كل فرد للتغيير والعمل والعلم, اللهم أعنا على التغيير للأحسن والأقوى.
اللام عليكم
تحدثت واقعا حيا ولكن دبجت بصيص الامل في المستقبل ورنا نتساء هل يمكن انقاد اولى القبلتين وثالث الحرمين بهدا التصرف وهدا التشتت وادا حدث لا قدر الله وتم مشرؤع اسرائيل و الاستلاء علي القدس هل تبقي لنا باقية كيف نرفع رؤوسنا امام العام الموجد الدي وحد امته وحطوطه وسوقه وعملت
zoulikha
يا الله واقع جداً أليم ،،
لكن لابد من التفاؤل بغدٍ مشرق ،،
بوركتــ أخي ..
هذا المقال جاء كصفعة قوية لندرك ما نعيشه، فرغم حنقنا على كثير من الحقب التاريخية، “إلا أننا” – وحتى لا أعمم فسأقول: “إلا أنني” – لم أفكر يوماً كيف سنكون قصة يتناقلها من بعدنا!
وعندما تأملت جملة ” التاريخ نصنعه أنا وأنت وكل من عاش هذه الحقبة من الزمان “.. شعرت بشيء ” لم يكن بالقليل ” من الإحباط! خصوصاً عندما اتلفت حولي فأجد وبكثرة من لا يحمل سوى هم نفسه، غير آبه بماضٍ أو حاضر فضلاً عن المستقبل!
ومنعاً لدوام نفوذ هذا الإحباط، فلن أنتظر تاريخاً يذكرني.. ولن آبه بمن يذمني أو يمدحني.. ولن أنتظر من يقف بجانبي أو يتركني..
إنما سأستمع لمن ينصحني بما فيه خير لي ولأمتي..
وسأعمل ليرضى عني ربي، فهو من يهمني رضاه..
بارك الله فيك أخي الفاضل..
السلام علیکم کم آرجو آن نتدبر في تاريخنا العربي والإسلامي ونستكشف الداء ونصف الدواء بدلاً من الوقوف على الأطلال فقد يأتي يوم لا يذكرنا أولادنا ولا أحفادنا بخير لاننا قصرنا في أداء دورنا لماذا لا نقول للناس ماذا جرى في الجمل وفي صفين لايمكن أن يكون الجميع على الحق لنستخلص العبر وننطلق لنبني الحاضر ونؤسس للمستقبل المشرق لامكان لليأس في قلوب المؤمنين بالله وبالحق والقيم ودمتم في رعاية الله
أخى هون عليك، وتذكر:
” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
وفى الحديث القدسى:
” أنا عند ظن عبدى …. ومن تقرب إلىّ تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتانى يمشى أتيته هرولة”
أرأيت؟
الأمر ليس معجزة بقدر ما هو بداية .. فقط بداية تريد أنت فيها أن تكون شيئاً ما تنهض بهذه الأمة .. وحينما تقرر هذا كل ما عليك فعله هو أن تقنع اثنين .. فقط اثنين أن يكونا شيئاً ما فى هذا المجتمع لنهضة هذه الأمة .. ودع لعبة التسويق المباشر تعمل فى شىء مفيد هذه المرة ..
لو استمريت على هذا المعدل بحماس كل شهر ستجد فى نهاية العام 4096 فرد توقف عن أن يكون مجرد رقم فى السجل المدنى .. وهذا عن مجهود شهر واحد فقط مع اثنين فقط ..
تذكر مرة أخرى ..
” ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزى الشاكرين ”
جزاكم الله خيراً على هذا المجهود .. ولا أفتر الله لك حماساً
واقع مخجل حقاً
يؤسفني أن يكون هذا واقعنا ولكن الوعي بداية التغيير والأمل بإذن الله موجود 🙂
عوداً حميداً ..