عام على الهجرة العكسية

|

حسين يونس

لا شك أنَّ هناك فريق ينتظر هذا المقال بنيَّة طيبة وفكرٍ إيجابي ليستلهم منه أفكاراً جديدة تُعينه على اتخاذ قرار العودة إلى الشرق إن استطاع إلى ذلك سبيلا، بالمقابل.. هناك فريق آخر ينتظر مني العكس تماماً، كقصص التذمر والفشل ليُبرر بقاءه في المهجر ويُثبت لمَن حوله أنَّ الشرق أرض الشيطان. ويؤسفني أن أُخيِّب ظنَّ كلا الفريقين، لأني كما – جرت العادة – سأطرح طرحاً واقعياً بعيداً عن المبالغة أو التهوين، وسأنقل واقع تجربتي من دون تزيين أو تزييف.


سحر الشرق

عندما أنظر إلى الخلف، أتفاجأ كيف مضى عام على هجرتي العكسية.. كأنها يوم أمس! مازلت أراني أحزم أمتعتي وأبيع عفشي وأسلِّم البيت لصاحبه أملاً في بداية جديدة تخدم أهدافي التي أعمل جاهداً على تحقيقها.

اليوم ككل يوم أتنقل حول العالم.. بداية جديدة من الشرق، ذلك الكنز الساحر كما رأته الأميرة الصليبية «فرجينيا» جميلة الجميلات عندما كانت في الأرض المُقدَّسة في فلسطين برفقة الغُزاة من قومها. ولعل هذه المفارقة ليست حديثة العهد، فبينما أهل الأرض يُبغضون أرضهم، لا يتوانى الغريب عن الجهر بحبها، لعلهم يرون في أرضنا ما لا نراه، أو لعلهم يعلمون كيف يُدِيرون مصالحهم فيها كما يفعلون في بلدانهم الغربية، أو لعلهم استوعبوا منظومة الحياة الشرقية وأتقنوها أكثر من أهلها فكانوا من علية القوم.

كنت دائماً أسأل نفسي هذا السؤال.. لماذا هنالك نسبة كبيرة من الغربيين يعشقون الشرق أكثر من أهله؟ فكلانا يخضع لنفس الأنظمة والقوانين. قد يكون الأجر الذي يتقاضونه في الشرق أعلى من غيرهم هو السبب؟ لكن هذا الكلام لم يعد صحيحاً، فاليوم قد أصبح يتقاضى الغربي والعربي في كثير من المنشآت والشركات نفس الأجور، سواء كان ذلك في شركة عربية أو عالمية، فلم يعد الحال كما كان في السابق منذ عشرات السنين، والسبب يعود إلى المهارات العالية والخبرات العالمية التي تتمتع بها الكثير من الكوادر العربية، ففي السابق كان الغربي يجني الكثير من المال لأنه يُتقن ما لا يُتقنه العرب، أما اليوم.. فلا يوجد شيء يُتقنه الغربي لا يُتقنه العربي، وهذا الأمر تبيَّن لي تماماً عندما هاجرت إلى كندا ونافست في سوق العمل هناك.

قد يقول قائل: (صحيح أنَّ الرواتب في الشرق بين العربي والغربي أصبحت متقاربة، لكن المعاملة ليست كذلك!). والسؤال هنا.. هل فعلاً الغربي هو فقط مَن يتلقَّى معاملة حسنة في بلاد الشرق؟ وإن كان ذلك صحيحاً، فما السبب وراء ذلك؟ هل السبب يعود إلى البرمجة التي خضع لها العقل العربي طيلة عقود الإنهزام الماضية على احتقار الذات الشرقية واحترام الذات الغربية المتمثلة بالعِرق الأبيض ذو الشعر الأشقر والعيون الخضراء أو الزرقاء؟ هل هذه مبالغة أم حقيقة واقعة؟ أياً كان الجواب، في اعتقادي أنَّ الإحترام الذي نُطالب به المجتمعات التي نتواجد فيها، يعتمد اعتماداً كلياً على احترامنا لذاتنا، فكلما قل احترامنا لذاتنا.. قل احترام الآخرين لنا، والأهم أني تعلمت أن أتواجد في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح حتى لا أتعرض للإهانة، وهذا أمر غاية في الأهمية.


لقاء عابر

منذ أسابيع وجيزة، كنت في صحبة إعلامي لبناني يعمل في قطر، وقال لي: (أتمنى لو استطعت أن أعيش في الأردن، فهي أكثر دولة عربية تناسبني، وأحبها كثيراً على عكس أهلها الذين يُبغضونها). أدهشتني أمنيته! وتساءلت.. ما هذا الشيء الذي شدَّه إليها وهي تلك البلاد التي يُعاني أهلها الكثير من الصعاب.. فساد دمَّر الإقتصاد.. ثقافة جافة.. طبقيَّة.. غياب للعدالة الإجتماعية!

عندما أنهينا النقاش، قارنت بين عشق هذا الإعلامي للأردن وبين عشق «فرجينيا» الصليبية للشرق، وقلت في نفسي: (سبحان الله.. قد يكون هنالك أمور جذَّابة ورائعة لا ينتبه لها أهل الدار، إما بسبب التعوُّد على المكان، أو بسبب الجهل، أو الإثنين معاً). لكن أهم ما يجب الإنتباه إليه بين كل هذا الزحام الغربي والشرقي، هو مراعاة المصالح التي دائماً ما دعوت لها، وأهم تلك المصالح.. احترام الذات! ذلك الكنز الحقيقي الذي يعلو فوق كنوز الأرض كلها.

لا أريد أن أطيل في الأسباب التي دعتني للعودة إلى الشرق، فكتاباتي ولقاءاتي المرئية مازالت موجودة، وفيها الكثير من التفصيل الذي سردته عندما كنت في كندا، ومازلت أرى أنَّ العودة ضرورية بكل ما تعني كلمة الضرورة من معنى.


مراعاة المصالح

عندما كنت أكتب في كندا، كنت أكتب باللغة العربية قناعة مني أنَّ الكنديين ليسوا بحاجة إلى أقلامنا وأفكارنا إلاَّ إذا انسلخت عن ذاتها المُهاجرة وصُبِغَت بصبغة غربية مادية إلحادية بحتة، فكلامنا عن تطوير ذاتنا الشرقية من خلال هويتنا العربية وعقيدتنا الإسلامية لن يُمتعهم كثيراً، بينما كانت الجاليات العربية مُتعطِّشة لما أكتب، والإهتمام كان يزداد يوماً بعد يوم، لذلك استثمرت في كتاباتي العربية من وحي الواقع الذي كنت أعيشه في كل يوم وكل موقف.

رغبتي القوية في الكتابة لأبناء جلدتي كانت نابعة من غيرتي على عروبتي وعقيدتي الإسلامية، ولو أردت الكتابة العَلمَانية.. لفعلت، لكنها لن تأتي بالنفع المرجو لأهلنا في المهجر، فالضبابية وعدم وضوح المواقف والخوف من الصراحة أضاع الكثير من الأُسر العربية في المهجر، ولم أشأ أن أكون إحدى تلك الأقلام الضالَّة التي تزيد من وهن أهلنا هناك.

من الأمور الكثيرة التي كتبت عنها، أهمية مراعاة المصالح وعدم الإكتراث لأصوات الرعاع والدهماء من أبناء جلدتنا في الغرب، فمن أكثر القضايا التي لا يُتقنها العرب مع الأسف الشديد.. مهارة (مُراعاة المصالح) التي لأجلها نكِّد ونكدح من الصباح حتى المساء. وبعد بحث مُضنٍ وتجربة عميقة في الغرب، وجدت أنَّ مصلحتي الذاتية والأُسَريَّة في هذا الوقت من الزمان يكمن في الشرق، فمازلت أعتقد اعتقاداً جازماً أنه لن يشتد عود ذريتي في أرضٍ.. العروبة فيها عرجاء والإسلام فيها مُشوَّه، وجالية عربية كارهةٌ لذاتها الشرقية، و«مسلمون كاثوليك» يعتقدون بأنَّ جنة الرحمن جائزة الكفَّار والمشركين الذين يتمتَّعون بأخلاقٍ طيبة ويتقنون المعاملة الحسنة! مازلت أعتقد أنه لن تقوى الأسرة العربية المسلمة في المهجر على الصمود بين أقوامٍ فقدوا ضالتهم وانسلخوا عن عقيدتهم كما تُسلخ الشاة من جلدها. التواجد بين جالية مهاجرة تتغنى بأوطان زائلة أكثر مما تتغنى بعقيدة باقية.. هو عبارة عن انتحار إجتماعي وموت بطيء!


للكبار فقط

لو كنت وحيداً في المهجر مع زوجتي من دون ذرِّية.. قد يكون من الممكن أن أبقى هناك إلى أن ألقى الله عزَّ وجل، لأني قد بلغت من العمر عِتِيَّا وتبلورت قناعاتي ومبادئي وأصبح لا يهزُّها شيء مهما بَعدتُ عن الشرق، لكن خوفي على بناتي كان أكبر من رغبتي في البقاء، فلا يمكنني أن أنكر أنَّ الحياة في الغرب جميلة وفيها الكثير من الخير والفائدة، ولكن للكبار فقط! وربما عندما تتجاوز بناتي عمر المراهقة المُرهق والحرج، قد أعود بهنَّ إلى كندا إن كان في ذلك مصلحة، ولكن ليس الآن.

ما كان يُقلقني على بناتي وهُنَّ بهذه الهشاشة من العمر، الإضطراب النفسي المُحتمَل الذي قد يُعانين منه إذا ما قضوا فترة المراهقة في الغرب، فمن أكبر المشكلات النفسية التي يُعاني منها أبناء الجالية العربية المسلمة هناك، الإهتزاز في العقيدة والهوية وعدم وضوح اتجاه البوصلة في حياتهم، مما يؤدي إلى الكثير من المصائب كاحتراف الكذب ليُرضوا كل مَن حولهم، ناهيك عن تدني مستوى الدراسة وانعدام الثقة في النفس والكثير من المعضلات النفسية.

من المهم أن أذكر أني التقيت في الغرب بثُلة نقية صابرة، نجحت في إخراج جيل سوي يحمل في ذاته عقيدة سليمة ومبادئ سامية، ولكن.. تبيَّن لي بعد التجربة أنَّ هذا النقاء لا يمكن له أن يستمر لأكثر من جيلٍ واحد فقط!


بركة المال

مع أنَّ الله سبحانه وتعالى قد تفضَّل علي في كندا ورزقني من فضله بدخل كريم، إلاَّ أنَّ غلاء البلاد وكثرة ضرائبها المرتفعة كانت تسلب تلك البركة. بالمقابل، الحياة في الخليج لم تعد كما في السابق، فالحياة أغلى مما كانت عليه، ولكن إنعدام الضرائب وعلى رأسها ضريبة الدخل جعل للمال بركة، ومهما قارنت.. سيبقى الإنجاز المالي في الشرق أفضل من الغرب بكثير، فما يمكن إنجازه في غضون خمس سنوات في الشرق، قد تحتاج إلى ضعفه في كندا إن كنت سيعد الحظ!


جمهور جديد

عندما كنت أحيا في كندا، كان عملي الذي أتقاضى عليه المال منفصلاً تماماً عن هواية الكتابة، فكتاباتي كانت بالعربية ولا تصل للكنديين العجم، كنت أذهب إلى العمل كأي إنسان عادي ليس لدي أي نقاشات متوقعة مع زملائي حول كتاباتي والأفكار التي تحملها، فكان العمل منفصلاً تماماً عن هوايتي التي أمارسها خارج العمل.

لكن عندما عدت إلى الشرق، حدث ما لم يخطر لي، فكتاباتي التي كتبتها ومازلت أكتبها أصبحت في متناول زملائي في العمل، وعلى ما يبدو أنَّ هناك نسبة لا بأس بها تقرأ ما أكتب، فأصحبت مضطراً لخوض نقاشات حول ما أكتب في أوقات العمل، ولا أنكر أنَّ هذا الأمر قد شكَّل نوعاً من الضغط النفسي الذي لم أعتد عليه في بيئة العمل الكندية، خصوصاً أنَّ الشرق بيئة ضيقة الأفق.. لا تتمتع بحرية فكرية ولا تعددية ثقافية. لكن بالمقابل.. لم يخلُ الأمر من متعة التحدي، خصوصاً عندما علمت أنَّ هناك من استفاد مما أكتب.


حاجة شديدة

بعد مضي عام، وجدت أنَّ الشرق بحاجتنا أكثر من الغرب، فإن كان الغرب يحتاج أموالنا لدفع الضرائب، ففي الشرق يحتاجون لخبراتنا المهنية والحياتية، وخلاف الغرب.. الشعوب الشرقية تحتاجنا أكثر من الأنظمة، بينما في الغرب الأنظمة تحتاجنا أكثر من شعوبها.

لا يخفى على العاقل أنَّ الشعوب في الشرق تحتاج إلى الكثير من التنمية، لكن في اعتقادي أهم ما تحتاج إليه هو تنمية (مهارات التواصل) و (طرق التفكير). هذه القضية أراها محورية وأساسية لتهيئة سبل النجاح في الشرق، فالعرب لا يُعانون من نقص في العلم، لكنهم يعانون من طرق توظيف ذلك العلم، وهذا ما يجعل الجامعات الغربية أفضل من الجامعات العربية، فغالباً العلم نفسه في كل الجامعات، لكن ما يختلف هو طرق تدريس ذلك العلم والمهارات الفكرية التي يتلقاها الطلبة خلال الدراسة الجامعية. ولا ريب من أنَّ (عرب اليوم) من أفشل خلق الله في الإدارة وطرق التدريس وتنمية الفكر!


إنعدام التواصل

أكبر مشكلة أواجهها في الشرق، هو عدم القدرة على إجراء حوار واضح المعالم له بداية ونهاية، فغالباً ما ينقطع الحوار لأنَّ المُتلقي ليس لديه ما يكفي من الصبر للإستماع بتروي قبل قطع الحديث والرد، نسبة كبيرة من العرب لا يُحسنون التواصل فيما بينهم ولا يمكنهم الترحيب بأفكار جديدة أو الإستماع للآخرين، هذه المعضلة لها أسباب كثيرة.. أهمها الإعتقاد بأنهم أفضل وأذكى خلق الله قاطبة، وأنهم قد بلغوا من العلم والمعرفة ما يكفيهم ليُعرضوا عن أي فكرة جديدة، وأنهم لولا الحظ العاثر لحكموا الأرض كلها.

صدقوني لا أدري كيف أعبر لكم عن حجم هذه المشكلة، أشعر بأنَّ الكلمات لا تسعني كي أنقل لكم الحجم الحقيقي لها. الطريف في الموضوع أنَّ هذه المشكلة قد لفتت نظري إلى مشكلات أخرى قادت إليها، منها.. الإحتقان المستمر بين العرب على الصعيد الإجتماعي والسياسي.


البحث عن القادة

يشتد البحث اليوم في عالم المال والأعمال عن قادة حقيقيين يتمتعون بصفات مهمة لبقاء وجود المؤسسات وحمايتها من الإندثار، وهذا البحث يزداد بقوة في العالم الثالث خصوصاً في العالم العربي. وأعتقد أنَّ هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، بل قديمة كقدم الأرض التي نمشي عليها، وقد تكون هذه المشكلة الأزلية من أهم المشكلات التي يُعاني منها قطاع المال والأعمال لأسباب كثيرة لا مجال لسردها، فالمبحث أكبر من أن أغطيه في مقال. لكن ما أعتقده أنَّ النهضة الحقيقية في الشرق مرهونة بأولئك القادة الذين لم يُولدوا بعد، لأنَّ الرحم العربي أضعف من أن يُنجبهم بسبب ضعف خصوبته وقلة جودته. فمَن كان قادراً على القيادة غالباً قد هجر العالم الثالث متجهاً إلى العالم الأول أو إلى السماء. ومازال البحث مستمراً!


حساسية مُفرطة

العلاقات الإجتماعية في الشرق الأوسط ملتهبة بشكل كبير وحساسيتها مُفرطة، والسبب وراء ذلك سوء الظن! فإذا لم تتواصل مع شخص أو عائلة بسبب انشغالك، يعتبرون انشغالك عنهم إهانة، ولا يعلمون أنَّ بعض الإنشغالات قد تكون مُرهقة أكثر من انشغالات العمل، فقد يكون وراءها خلافات زوجية أو نفسيات مُرهَقة يعتريها الإحباط والكآبة.


المبالغة في التقدير

من الظواهر الأخرى المتفشية في الشرق، ظاهرة المبالغة في التقدير والإحترام والمطالبة بذلك! فعلى سبيل المثال، عندما تتواصل مع شخص ما في العمل بطريقة بسيطة وعفوية كما هو الحال في بلاد الغرب، قد يعتبره نوع من الإهانة وقلة الإحترام.. خصوصاً إذا كان في منصب إداري. ومن شدة التركيز على هذه القضية، فَقَدَ الإحترامُ مكانته وأصبح بلا معنى!

أعتقد أنه غالباً ما يكون وراء المبالغة مشاكل نفسية نابعة من مواقف سابقة تعرض لها ذلك الشخص الذي يطالب بالإحترام، وعندما تمكَّن من منصب إداري.. جعل من المطالبة بالإحترام قضيته الكونية، إلى أن فقد الإحترام أسمى معانيه مع الأسف الشديد، وقد نسيَّ هذا المسكين أنَّ الإحترام يُكتسب ولا يُطلَب!


همٌّ أزلي

على الرغم من أنَّ البيئة الشرقية تعتبر أفضل من الغربية فيما يخص التربية، إلاَّ أنها تبقى همٌّ كبير وتحدي أزلي لا يهون بمجرد الإنتقال من بيئة خطرة لبيئة آمنة. فالتحدي في الشرق مازال قائماً.. لكنه أهون في أمور، وأصعب في أمور أخرى. في المستقبل القريب، قد أتطرق لهذا الموضوع في سلسلة مقالات بإذن الله.


خارج نطاق النزاعات

لا يمكن التغاضي عن القيمة الرائعة التي تُضفيها الجنسية الغربية على حامليها خلال تنقلهم حول العالم، خصوصاً في بلاد العرب، وأجمل تلك القيم الرائعة أنه بمجرد حملك لتلك الجنسية تصبح خارج نطاق النزاعات (العربية – العربية)، الأمر الذي يُعطيك استقراراً نفسياً في الشرق، لا يمكن التمتع به في ظل الجنسية العربية التي دائماً ما يضطر حاملوها لدفع ثمن مواقف حكامهم السياسية.


لسنا أشراراً

أعتقد أنه من الأولى أن نوظف طاقاتنا في بلاد شرقية لديها القدرة على استيعاب الكوادر العربية إن وجدت، فبدلاً من إضاعة الوقت في إقناع المخالفين في الغرب بأننا لسنا أشراراً، هناك الكثير يمكن إنجازه في الشرق بين مَن يحبك ويفتح لك المجال للعمل مباشرة.. إن أمكن ذلك!


ختاماً، أجمل ما حملته معي من كندا إلى الشرق.. هو وضوح الرؤية والإتزان، فبعد حصولي على الجنسية الكندية، لم أعد أحلم بجنسية أي بلد آخر، كما لم أعد أبحث عن وطن.. إنما عن مصلحتي البحتة التي أرفع بها من شأني وشأن أسرتي.

أما ذلك الوهم الذي يُسمَّى (الوطن).. فقد أصبحت حدوده داخل جدران البيت الذي أسكنه أينما حللت، وشعبي الحقيقي هم أسرتي التي تشاركني نفس المصالح والرؤى، فهذا البيت ومَن يسكنه.. باتوا هم السند الحقيقي والمأوى الوحيد الذي يمكن أن أمارس فيه حريتي المطلقة، وأجهر فيه بما في داخلي من دون خوف!

8 رأي حول “عام على الهجرة العكسية”

  1. انتهيت للتو عن مقال كتبته عن الهجرة العكسية ….ثم وجدت مقالتك هذه بالصدفة دعني اقول اولا انني استفدت كثيرا عن فلسفتك او تعريفك للوطن بانه مصلحتك ومصلحة اسرتك .. ياحبذا لو تكتب مقالة عن هذه النقطة .. لان فكرة الوطن واين اسكن حيرتني برهة من الزمن ومن ثم توصلت الى قريب ماتوصلت اليه انت .. ان افكر بتطوير نفسي وفكري وان اكون اسرة مسلمة صالحة… اخوك من الصومال

    رد
  2. رائع
    عبرت عن كل ما أعيشه تماماً رائع جدا
    شكراً
    و لكني أعيش حيرة قاتلة و قلق دائم من التفكير في يوم العودة إلى كندا
    لماذا يجب ان اعود
    و ماهو الوقت المناسب للعودة
    وكيف ستكون العودة
    و هل فعلا جامعات كندا ستفيد أولادي اكثر
    ااااااخ

    رد
  3. “لم اعد ابحث عن وطن.. ذلك الوهم المسمى بالوطن” لماذا تتحدث عن الوطن بحزن و بنغمة فيها الكثير من الشجن؟
    اعجبني ايضا تعليقك ع العلاقات الاجتماعية الملتهبة في الشرق و اللتي محركها الاساسي هو سوء الظن.. تحليل صادق

    رد
  4. تعليقي هو نفس التعليق الأول والثاني .. وهذا هو حال كثير ممن هاجروا. نقارن الآن بعدما حققنا أهم إنجاز في حياتنا .. إنجاز فتح لنا أبوبا كثيرة وضمن لنا قسطا كبيرا من الأمان والاحترام.
    ولا يخفى على حضرتك وعلى الجميع ما تمنحه الجنسية من ميزات.
    هذا الحوار دائما ما يسبب تناقضا عند العربي الذي يعيش هنا ويرى هذا الفارق ولديه الرغبة في الانطلاق في العالم والتعرف عليه واكتساب جنسية تحميه إلى حد ما مع إدراكه الكامل لمخاطر هذه الخطوة (إن أتيحت له أصلا وتمكن منها) وخاصة تلك المتعلقة بالعقيدة والتربية واللغة على الأولاد خاصة.
    وأنت لم تخفي استعدادك للعودة إذا مرت مرحلة المراهقة لأولاك وأمنت عليهم بعض الشيء. وعلى كل حال، فأنت لديك هذا الحق وهذا المهرب من بلادنا العربية التي لا يخفي عليك حالها ومخاطر العيش فيها وإبداء الرأي فيها ومصاعب الحياة المادية وغيرها ..
    سيدي .. كيف نجمع بين هذا وذلك؟ وكما سأل صاحب التعليق أعلاه .. هل نهاجر ثم نعود إن استطعنا إلى ذلك سبيلا؟

    رد
  5. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    فبعد حصولي على الجنسية الكندية، لم أعد أحلم بجنسية أي بلد آخر، كما لم أعد أبحث عن وطن

    عذرا أخى
    ماذا لو لم تحصل أنت وأسرتك على الجنسية الكندية
    هل هذا سيكون شعورك نحو الشرق

    وشكرا

    رد
  6. بصراحة مقالك فيه شيئ كبير من التناقض وعدم الوضوح!
    – كيف الشرق يحتاجنا اذا كانت معظم الدول العربية لا تعطي فيزا للجنسيات العربية الاخرى وبالأخص بلاد الشام مثل فلسطين وسوريا وحتى ان أعطوهم فالامان الوظيفي معدوم مثلما يحصل بالسعودية وغيرها
    – انت تقول بحصولك على الجنسية الغربية هذا يعطيك الامان في الشرق ! اذا هل تطلب منا السفر للحصول على جنسيات غربية ومن ثم العودة للعمل في الشرق !! اليس هذا اجحاد بحق الغرب الذي اعطاك جنسيته لكي تتمكن من الذهاب للعمل في الشرق !!

    بالنهاية كلنا نحب الشرق ولكن يبدو أن الشرق لا يحبنا.

    رد
  7. و الله اشكرك جزيل الشكر على هذا الكلام رائع و منبعث من قلب صاف و الذي اخذته غيرته على شعبه وعلى عروبته و على عقيدته وعلى اسرته بالاول و شخصيته الحميدة و القوية في مواجهة ما يحدث في
    هذا الزمان زمن الفتن و الدجل على امم والتي تتالم منه الامة العربية للاسف الشديد من تشتت في الغرب و متفرقين فيه وانا شخصيا اؤيدك في الرجوع الى الشرق و ربي يحفظ بناتك و بنات المسلمين و يحفظك و يحفظنا جميعا لانه مازال هناك من يغار على دينه وعلى عرضه بالاخص و على وطنه
    هشام متابعك من الجزائر

    رد

أضف تعليق