تونس لأول مرة

|

حسين يونس

في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وصلت تونس الخضراء لأول مرة في حياتي مُعتكفاً على شواطئها شهراً كاملاً لانهاء كتابي الأول (أرض الميعاد – روايتي عن عالم لا نفهمه). وعلى الرغم من أنَّ اختيار تونس كان بالصدفة، إلاَّ أنها كانت تجربة رائعة بكل التفاصيل.

تجربة الاعتزال ليست سهلة إن لم تكن في المكان الصحيح.. مكان تشعر فيه أنك مُرحب بك، وفي الحقيقة تونس من الدول العربية الأصيلة التي تُحب فلسطين وأهلها، ومتمسكون بقضيتها حتى آخر رمق مهما كانت انتمائاتهم السياسية أو الفكرية، الشيء الذي جعلني أشعر أني فعلاً في المكان الصحيح بين أهلي الذين ألتقيهم لأول مرة في حياتي.

إضافة إلى المكان الصحيح، العزلة تُصبح مؤلمة إن لم تكن مصحوبة بمشروع ما يعكف الإنسان على إنجازه، وقد يكون ذلك المشروع بسيطاً مثل قراءة كتاب أو إجراء بحث أو غير ذلك، فالاعتزال فقط بنية الانفصال عن المجتمع من دون أي هدف يكون مؤلماً وقد تكون عواقبه سلبية.

طالما كنت أحاول إنهاء الكتاب خلال وجودي في مكان إقامتي في قطر، لكن لم أتمكن من ذلك بسبب زحمة الحياة والوظيفة والأُسرة والكثير الكثير من الضجيج الذي يحرمني من التركيز، وقد لاحظت أنَّ أصعب مهمة قد تكون في رحلة التأليف هي إنهاء الكتاب، فقررت أن أخوض تجربة الكاتب الذي يعتزل المجتمع لإنهاء كتابه.. تماماً كما نشاهد في الأفلام، وهذا ما كان، وقد يكون هذا من أصدق السيناريوهات السينيمائية التي يمكن تطبيقها في الواقع،

في تلك الرحلة لم يتسنَّى لي استكشاف تونس بسبب انشغالي في الكتابة، ولكن ارتبط اسمها في وجداني بالإنجاز والنجاح إلى الأبد، وبإذن الله سأزورها مرة أخرى في أقرب فرصة ممكنة.

أضف تعليق