أزمة العربي النفسية.. إسرائيل

|

حسين يونس

يبهرني العقل العربي بتقلباته الفكرية والتي لا تخلو من تناقدات معقدة أحياناً، أضف إلى ذلك إتباعه لنفس النمط الفكري أياً كان التوجه الذي ينزلق فيه، فإما إنجراف عاطفي خطير، وإما إنجراف عقلي خطير، أو حتى إنجراف نَصِّي خطير جداً. دعني أخرجك عزيزي القارئ من فلسفتي وأطرح لك أمثالاً حياتيه لتفهم ماذا أقصد.

من أهم المشكلات التي تواجه المواطن العربي … كلمة إسرائيل، فهي تمثل المشكلة الأكبر والمعضلة الأولى في حياته، فهي جعلت من كيانه الفكري مضطرباً … نعم … إنها إسرائيل، بمعنى أنَّ العربي مستعد أن يغفر أي شيء لأي أحد مهما فعل … مقابل أن يعلن عداوته لإسرائيل، حتى لو قتل هذا الأحد المسلمين، وشردهم، وكفر بالله … هذا كله لا يهم مقابل أنه يكره إسرائيل. وكأن لسان حاله يقول: (إكره إسرائيل وما عليك … ربنا سيغفر لك ويدخلك الجنة)، من الأمثلة على ذلك:

صدام حسين:
خلال فترة حكمه قتل آلاف السياسيين والأكادميين المعارضين داخل سجون العراق وخارجه، كما تسبب بجريمة التهجير الجماعي للشعب العراقي، فقد أصبحت الأسر العراقية مشردة تماماً كالأسر الفلسطينيية، أينما تذهب إلى بلد … تجدهم هناك، وقتل من أهل السنة من الأكراد في مجزرة حلبجة ما الله به عليم، إحتل الكويت ونهب ممتلكات الدولة وشرد أكثر من نصف مليون فلسطيني كانت الكويت مستقراً لهم، وطبعاً عدي وقصي أبناؤه عاثوا في العراق فساداً وأهلكوا الحرث والنسل، ناهيك عن شعارات حزب البعث المشهورة والتي آمن بها طيلة فترة حياته: (آمنت بالبعث رباً لا شريك له، وبالعروبة ديناً ما له ثانِ)، (لا إله إلاَّ الوطن، ولا رسول إلاَّ البعث)، وطيلة فترة حياته كان يُحسن تمثيل الصلاة من فترة لأخرى في مساجد أهل السنة، وعلى نفس المنوال سار حافظ الأسد وإبنه بشار.

الشاهد هنا، أنَّ العرب والمسلمين كانوا على استعداد تام أن يغفروا كل جرائم صدام مقابل مهزلة (سأحرق نصف إسرائيل) إبان حرب الخليج الأولى، والصواريخ التي أطلقها وضربت المباني الفارغة في تل أبيب ولم يسفر عنها أي خسائر تُذكر، ومن الجدير بالذكر … لماذا فقط نصف إسرائيل … لماذا لم تكن كل إسرائيل؟

شئنا أم أبينا، صدام حاله حال غيره من الزعماء … ممثل بارع في سينما صناعة السياسة الأمريكية، حجر شطرنج يتحرك بأمر ويتوقف بأمر، عندما إنتهت المسرحية وسلمهم الخليج العربي وخيراته، تمت تصفيته والإنتقال لمرحلة أخرى، لكنه كان محظوظاً في إعتقاله وعدم تصفيته مباشرة كما حدث مع القذافي، إذ وَجَد الرجل فسحة من الوقت ليقرأ القرآن وينطق بالشهادة قبل لحظة إعدامه، وأغلب علماء أهل السنة قالوا أنَّ الرجل مات على الإسلام.

المهم في نقطة البحث، التعلق العاطفي للعرب والمسلمين بشخصية صدام مما جعلهم – واعين أو مخدَّرين – ينزلقوا في التناقض الفكري ويتجاهلوا الحقائق ما دام الرجل يعلن شعاراته ضد إسرائيل، حتى أنَّ هناك من جعله المهدي المنتظر، وهناك من رأى وجهه على القمر، وألفت فيه أحاديث نبوية كاذبة من أنَّ رجلاً إسمه صادم ينصر المسلمين ويقتل الكافرين، والله المستعان وعليه التكلان.

معمرالقذافي:
بالنسبة لهذا الرجل وقبل ذكر نقطة البحث، لك أن تعرف عزيزي القارئ أنَّ التعداد السكاني لليبيا هو 6.4 مليون نسمة، وهذا يمثل 20% فقط من عدد سكان العراق البالغ تعداده 32 مليون نسمة، يعني العراق تعداد سكانه يفوق تعداد ليبيا بـ 80%، فلك أن تتخيل حجم الخسائر البشرية التي أحدثها صدام في العراق بين قتل وتهجير مقابل ما قام به القذافي … حتى لا توجد مقارنة بين الجرمين، بضعة آلاف مقابل مئات الآلاف، طبعاً هذا لا يشفع للقذافي، فالجريمة تبقى جريمة سواء نفس واحدة أو ألف نفس، ولكن فقط لأضعك عزيزي القارئ في جو التناقض الفكري الذي يواجهه المواطن العربي والذي سببه إسرائيل، فمشكلة القذافي أنه لم يُعادي إسرائيل، ولو أنه فعل كل ما فعله بشعبه مع رفع شعارات العداء لإسرائيل كما فعل صدام، والله ثم والله … لما تذكر أحد الشعب الليبي على الإطلاق، ولكان مصيره في الإعلام العربي كمصير الشعب العراقي.

إيران وحزب الله:
لا يهم أنهم يقتلون أهل السنة في الأهواز وفي العراق، ولا يهم أنَّ أكثر من 10 مليون سني إيراني مضطهدون في إيران وتهدم مساجدهم فوق رؤوسهم، ولا يهم شتمهم لأهل بيت رسول الله من زوجاته وأصحابه وإهانة نبينا عليه وعلى أهله أفضل الصلاة وأتم التسليم، بل حتى أنهم أهانوا رسول الله أكثر مما أهان بني إسرائيل أنبيائهم ورسلهم، كل هذا لا يهم … نتجاهله ونغلق آذاننا ونحاول جاهدين من أن نحجب شمس التاريخ بأيدينا، المهم أنهم يعلنون العداء لإسرائيل!!

لن أطيل أكثر من ذلك، لكن هذه المشكلة بالتحديد جعلت كل من يريد أن يكسب الرأي العام العربي والإسلامي، يتجه مباشرة إلى دغدغة عواطفنا تجاه فلسطين واستخدام شعارات العداء لإسرائيل، ولو منَّ الله علينا بالنصر والتحرير عما قريب، لابد لنا من جلسات علاج نفسية طويلة لنشفى من شيء إسمه إسرائيل، ونبدأ بالفكر الواقعي وإحترام العقل والحقائق.

رأي واحد حول “أزمة العربي النفسية.. إسرائيل”

  1. السلام العليكم,

    مع الأسف الشديد, الأخوة المسلمين و العرب, قزموا القضية الفلسطينية و جعلوها قضية عرق أو مأساة شعب أو مسأئلة قطرية.
    الجميع تناسوا أن فلسطين لم تكن أبدا يوما دولة في مفهومها الحديث. انهم تناسوا فضل الله على فلسطين أنها كانت دوما تحت الخلافة الإسلامية و إن سقطت لا ترجعها إلا الخلافة الإسلامية.
    إن اسرائيل ما هي إلا عقاب من الله تعالى على العرب المسلمين. إن خيانة الخلافة الإسلامية في مطلع القرن الماضي خيانة لا تغتفر. و عقاب الله سيظل جاثما على قلوبنا حتى نعترف به.
    تاريخ فلسطين ما بعد الإسلام واضح جدا. أولا, أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فتح أرض المقدس ليرد أذى اليهود عن النصرى. ثانيا, المسلمين حاربوا الصليبين ما يقارب القرنان حتى يستردوا السيطرة على أرض المقدس. فمن الواضح أن المسألة دينة في المقام الأول و أخلاقية في مقامها الثاني.
    إسرائيل استطاعت القيام لأنها مبنية على اساس ديني, انها لم تقم على اساس من الأسس التي بنيت عليها الدول الإسلامية و خصوصا العربية, مثل اللغة المشتركة.
    من الواضح أن الكثير من الدول العربية و الإسلامية و قياداتهم استخدموا فلسطين و شعبها كأدة لتلبية حاجاتهم و نواقصهم و ضرورات الحكمهم.
    أنا كنت أتمنى لو كانوا أحجارا على رقعة الشطرنج و لكنهم فقط رقعة الشطرنج و الجميع القوى تلعب عليها في أحجراها مع اخلاف قوة الحجر لكل قوى.
    المسلمين تناسوا أن هذه الدنيا بدأت بتحدي إبليس (لعنه الله) لله تعالي. فإبليس هو عدونا الحقيقي و ليست إسرائيل و لا أمريكا و لا حتى أي دولة أو أمة أو ديانة أخرى. ان انتصارات إسرائيل أو غيرها لا تزيد و تنقص من ملك الله. و عليه, ان عدو المسلم الحقيقي أمامه على مدار اليوم (إبليس), واجه هذا اللعين بما يرضي الله و تغلب عليه يوميا. و أنا على الثقة, اذ فعل ذلك أغلب المسلمين, ستحل بركات الله علينا من العلم و النصر و ما يخطر على بالك أخي المسلم و أختي المسلمة.
    إن الله أعمى قلوبنا و عقولنا و تفكرينا. و لذلك إن مساهمة المسلمين في شتى المجلات تكاد تكون معدومة. و هذه غضب من الله عظيم. و دليل على ذلك ما اشيرة له في القالة. ان الانسان المسلم العربي, يريد قادا أو حزبا أو ما شابه حتى يرضي “الأنا” التي في دخله. و فهو أو هي يكاد لا يملك أي انجاز أو مؤهلات أو مهارات لينسبها “للأنا”. لذلك دائما ينسبها لعائلتة أو عشيرته, أي بلد أو قائد.

    أخيرا, اللهم ان كان رزق المسلمين و المسلمات من العلم و مال و انتاجهم في شتي المجلات في السماء فانزله وان كان في بطن الارض فاخرجه وان كان بعيدا فقربه وان كان عسيرا فيسره وان كان قليلا فاكثره وبارك فيه برحمتك ياارحم الراحمين.

    شكرا

    رد

أضف تعليق