ذات يوم دخل رجل على الإمام أبى حنيفة رحمه الله في مجلس علم وكانت تبدو عليه سمات الوقار والهيبة لدرجة أنَّ أبو حنيفة ضم قدميه إحتراماً للرجل وكان رحمه الله قد تقدم في العمر ولا يستطيع ضمهما، وبعد طول صمت تحدث الرجل وقال: يا أبا حنيفة متى يفطر الصائم!؟ قال: عند غروب الشمس، فقال الرجل: وإن لم تغرب الشمس؟ فابتسم أبو حنيفة وقال: آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه! وكان يظن رحمه الله أنه من أهل العلم بناء على هيئته الظاهرة وصمته الطويل. قصة ظريفة أصبح يُستأنس بها عندما يراد التعبير عن خداع المظهر والهيبة الزائفة التي لا تعكس حقيقة الجوهر والجهل الذي قد يعانيه إنسان ما محسوب على أهل الحل والعقد.
وهذا بالضبط ما حدث معي أثناء وجود الرئيس الفلسطيني الراحل « محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني » الملقب حركياً بـ « ياسر عرفات » عندما كان يرافقه الرئيس الفلسطيني الحالي « محمود عباس » والذي كان أنذاك يشغل منصب عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم رئيس وزراء السلطة الفلسطينية. فقد كنت معجباً بشخصية « محمود عباس » الذي كان يُكثر من الصمت ويتحرك بفخامة وهدوء، كما كان يُحسن استخدام عينيه في نظرات حادة تدل على قبوله أو رفضه دون أن ينطق بكلمة، هذا كله كوَّن له هيبة في الأوساط السياسية وفي نظري أيضاً، ونظراً لحصولة على درجة الدكتوراه في تاريخ الصهيونية من كلية الدراسات الشرقية في موسكو، فقد كنت أرغب أن يتمكن « محمود عباس » من قيادة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وهذا ما حدث بالفعل عندما بدأ الرئيس الراحل بالإحتضار في فرنسا التي قبلت علاجه على أراضيها، أذكر إلى الآن منظر « محمود عباس » وهو ينزل من سيارته للقاء « ياسر عرفات » في المستشفى، كان يمشي بهيبة وهدوء كاملين.
اقرأ المزيد »آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه