مثلجات 🍦 بنكهة أهل أمستردام 🇳🇱

|

حسين يونس

بينما كنت أتمشى في شوارع أمستردام، صادفت محلاً يبيع المثلجات (Gelato Ice Cream)، وبعد يوم عمل طويل، كنت فعلاً أحتاج لأتذوق تلك المثلجات التي غالباً ما أحرم نفسي منها لفترات طويلة كي لا أكتسب وزناً زائداً.

المهم، دخلت إلى المحل وبدأت أختار نكهاتي المفضلة، وبعد الانتهاء ولحظة دفع الحساب الذي بلغ ٤ يورو (ما يعادل ١٦ ريال)، تفاجأت بأنه لا يمكنني استخدام بطاقتي الإئتمانية، فسياسة المحل لا تقبل تلك البطاقات التي قد تُقلِّل من ربحيته الشيء القليل.

فأخرجت النقود الوحيدة التي كنت أحملها معي في تلك اللحظة وهي فئة ١٠٠ يورو. فاعتذرت البائعة عن قبولها لعدم توفر الفكَّة!

فنظرت إلى البائعة وسألتها: ماذا تقترحين علي أن أفعل؟

فقالت.. ومن دون توفر أي فطنة أو حس مبيعات: إذهب وابحث عن فكَّة!

فنظرت إليها بامتعاض كبير وسألتها بهدوء: ما مصير البوظة التي أعطيتني إياها؟ هل آكلها قبل البحث عن فكَّة؟ أم أتركها على الطاولة لتصبح حساءً من الكريم؟ أم أعيدها لك.. ماذا تقترحين؟!

وبينما بدأ الحرج يظهر على وجهها، وهي تُتمتِم في محاولة لإيجاد جواب لسؤالي، تدخَّلت سيدة هولندية كانت برفقة زوجها وابنتها الصغيرة، وقالت لي: أنا سأدفع عنك الـ ٤ يورو، لا تحتاج لتذهب لأي مكان، فقط استرح واستمتع بتناول البوظة!

فنظرت إليها في فرح وحرج معاً، وقلت لها: سيدتي.. لست مضطرة لتدفعي عني، وابتسمت لها وأنا أفكِّر سريعاً.. هل أقبل عرضها أم أرفض؟! وكنت أشعر بأنه علي أنّ أقبل..

فقالت السيدة الكريمة: لا عليك، هذه فرصة كي نُشارك السُيَّاح أخلاق الهولنديين وحُسن ضيافتهم!

فقلت لها: لا يسعني سوى أن أقبل كرمك وضيافتك، ففي ثقافتنا نقول.. لا يرفض كَرَم الكريم إلاَّ لئيم!

الطريف في الموقف هو ما حدث بعده، فعندما انتهت السيدة من دفع الحساب عني وعنها وعن ابنتها، تقدم زوجها بهدوء يسألها: حبيبتي.. لماذا لم تكترثي لي؟ فأنا أيضاً أريد تناول المثلجات؟

فضحك المحل كله على مقولته التي قالها مازحاً، وجلسنا جميعاً نتناول المثلجات ونتجاذب أطراف الحديث.

وعندما انتهيت من تناول مثلجاتي، قلت للسيدة: هل تعلمين أنَّ هذه المثلجات من أطيب ما تناولت في حياتي؟

فقالت: حقاً؟!

قلت لها: نعم.. لأنها نابعة من طيب خاطر من داخل قلبك (Bottom of your heart)!

وقبل الرحيل، ودَّعنا بعضنا وأخذنا هذه الصورة تذكاراً لهذا الموقف الجميل، الذي أثبت أنَّ الإنسانية والعلاقات الطيبة هي كل ما تحتاجه البشرية ليصبح هذا العالم مكاناً صالحاً للعيش!

أضف تعليق