في إستطلاع على الفيسبوك اليوم، سألت المتابعين الأفاضل إن كان يجب الإصغاء إلى النصيحة التي أسديت إليَّ بضرورة التخفيف من الكتابة الفكرية، والبدء بالكتابة الترفيهية من أجل زيادة عدد المتابعين، وعندما أقول ترفيهية آقصد الهابط منها والركيك في المحتوى والمعنى، وتساءلت إن كان فعلاً هذا ما يُفضله العرب. فمن ضمن القضايا التي تهمني اليوم هو محاولة فهم النظرة التي يحملها العربي في عقله عن نفسه وعن أمته العريقة، هل هذه حقيقة العرب؟ هل ما يُشاع عنهم صحيح؟
ردة فعل القرَّاء كانت إيجابية بكل المقاييس ولم أستغربها على الإطلاق، فإن كان بيننا فئة متدنية (وهي موجودة بلا شك) هذا لا يعني أنَّ باقي العرب كذلك، والتعميم صفة الجهلاء، والأهم هو إدراك حقيقة أنَّ هناك من يريد للعرب أن يحملوا هذا الإعتقاد السلبي عن أنفسهم لنزع الثقة الذاتية، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ ماذا يعني أن تحيا وأنت كاره لذاتك وعِرقك وأمتك … بداية الفشل ونهاية أي أمل!
هذه الطريقة في غسل الأدمغة نجحت نجاحاً باهراً، حتى أنا نفسي لم أسلم منها وكنت أحد ضحايا هذا الغسيل، لدرجة أني وصلت إلى قناعة أنَّ مشكلة الجهل والفشل العربي تكمن في الجين وأصل التكوين، وليست مشكلة معنوية أو فكرية يمكن معالجتها من خلال تطوير العادات والتعليم والمجتمع، واستمرت هذه الفكرة مصاحبة لي خلال فترة إقامتي في أوروبا الشرقية وقت الجامعة ومن ثم إقامتي في الشرق الأوسط، إلى أن وصلت إلى كندا … وقتها بدأ التصحيح، وأخذ العقل يحارب تلك الرواسب ويعيد ترتيب خلاياه من جديد!
فعلى سبيل المثال، من ضمن تلك الرواسب الكثيرة التي بقيت عالقة في ذهني سنين طويلة … أنَّ اليهود أذكياء، لأكتشف بعدها أنهم بشر عاديون والعرب ليسوا أقل ذكاءاً منهم، وكل ما يميزهم أنهم يُحسنون استغلال المواقف، واستغلال المواقف ليس أمراً عبثياً متروكاً للصدفة يأتي من تلقاء نفسه، فهو أمر مهم بكل تأكيد ويحتاج إلى التخطيط وتقدير القدرات الذاتية وبناء العلاقات وانتقاء التعليم المناسب والمهن التي لها تأثير وهكذا، ولعلي أتطرق لهذه القضية بالتفصيل في كتابات أخرى بإذن الله.
هذا التغييب العقلي الذي نتعرض له منذ عقود طويلة أدى إلى فقد الثقة بكل شيء، حتى أصبحنا العجز نفسه لا يمكننا أن نقدم للعالم أي شيء، واليوم بدأ غسيل جديد أسوأ من الذي قبله هدفه هزّ عقيدة المسلمين ونزع ثقتهم بدينهم وجعلهم صعاليك على الهامش من دون أي قيمة ممكنة، وبعدها لن ينفع معهم لا تعليم ولا جامعات ولا مساجد ولا ثورات ولا أي شيء … إلى أن يطحنوا بعضهم بعضاً من دون أي جهد خارجي.
لا تستهين بنفسك إن قلت لك أنك أنت وحدك كفرد … يمكنك أن توقف هذه المهزلة، فقط لو توقفت عن تصديق كل ما تسمع، والتفكير قبل القيام بما تقوم به كل يوم، ستتغير حياتك إلى الأبد!
لا تستهين بقدراتك … ولا تستهين بعِرقك … ولا تستهين بعقلك … وتذكر أنه لو كانت أمتك كما يُشاع عنها … لما وصَلَتْ إلى ما وصَلَتْ إليه في الماضي، والفرق بيننا وبين أجدادنا أنهم عاشوا وفقاً لمعطيات زمانهم فأنتجوا، أما نحن فقررنا أن نعيش خارج معطيات زماننا فكانت النتيجة صفراً.
وتذكر أنه …
لمَّا تخالطَتْ عُروقُ الأرضِ من دونِ أصلٍ … اختارَ اللهُ يَعرُبَ من عِرقٍ نقيّ
ولمَّا اعوَجَّتْ ألسُنُ الخلقِ بلاهةً … كانَ العربُ لِسَانهم سَويّ
وبينما كانَتْ الأرضُ تَموجُ شُعوبِيَّـةً … كانَ العربُ إنضباطهم قَبَليّ
فبَعَثَ اللهُ مِنهمْ النبيّ … هاشميٌّ قُرشيّ … صادقُ الوَعدِ رَضِيّ
بقرآنٍ مُفَصلٍ عربيٌّ … من لَدُن حَكيمٍ عَليّ
فكانوا أمراءاً أكفَّاءاً … لشَرفٍ لم يَنلهُ قبلهم إنسيٌّ ولا جِنيّ
وتذكر …
أنَّ العَربَ … عُودُهم ليس بِطَريّ
فالكاذبُ عِندهمْ شقيّ … والغَادِرُ عِندَهمْ مَقصيّ
والرجلُ عِندَهمْ عَفيّ … ذو فِكرٍ جَليٍّ وقَوامٍ فَتيّ
للخيانةِ عَصيّ … وعلى حَملِ الأمانةِ قَويّ … مِنْ الشيخِ حتى الصَبيّ
شِيَمهمْ كريمةٌ … وخُلُقهمْ الرُقيّ
شَرِيفُهمْ حَييٌّ … لا يَعرِفُ العُرِيّ
وفي الكَرمِ … لمْ يذكرْ التاريخُ مِثلَ عَطائِهمْ السَخيِّ كسَيلِ نَهرٍ جَريّ
وإنْ جَهلتَ ما أقولُ … فاسأل حَاتِمَ الطائيّ
فإيَّاك …
أنْ تُصدقَ أيها المَنسيّ
أنَّكَ جبانٌ تافهٌ غبيّ
أو قاتلٌ بَربَريٌّ همَجيّ
أو أنَّكَ تُعاني من اضطرابٍ عَقليّ
أو أنَّ انتِكَاسَتَكَ مَرَضٌ دَهريّ
أو أنَّ سُباتَكَ في الهزيمَةِ أبَديّ
كما يُصَوِّرونكَ في الإعلامِ الغربيّ
أو في نُصوصِ قَلمٍ شَيطانيّ
وكُنْ …
كما كانَ أجدادُكَ في الزَمنِ الذَهبيّ
راقياً عَصريّاً ذُو لُبٍ تقيّ … وعقلٍ ذكيّ
تَنعَمُ بفطنةِ الشَرقيّ … على المنهجِ المُحمديّ
ولا تَغُرنَّكَ قِشرَةُ الأعجَميّ … لتشتَري بعِرقِكَ آخرَ بَليّ
فتخسرْ وتكنْ لباقي الأُمَمِ مَطيّ
فأنتَ كالكوكَبِ الدُرِّيّ … للعِزةِ والكرامةِ حَريّ
وعن التَسولِ غنيٌّ … وعن المَهانةِ أَبيّ
فكنْ شاكراً لكرمِ اللهِ الوَليّ
الذي يُؤتي فَضْلهُ مَنْ يشاءُ … ولا يَسألهُ عمَّا يَفعلُ غَويّ
سيدي الكاتب
استمر ولا تقف ..ولاتستهين بقلمك وقدراتك..
عندما يتم عزل مقال لك ،ذلك يدل على انك تركت صدى كبير لدى النفوس الضعيفه والمريضة ..
الذي تعودت على ان تنقاد دون تفكير….
استمر ولاتقف …عسى ان تحرك العقول المتجمدة بإرادتهم ..
استمر ولا تقف وكن حاتم الطائي بقلمك ..
لك مني كل احترام وتقدير..
استمر ولا تقف..