كنت خلال الأيام الماضية في زيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه هي زيارتي الأولى لأمريكا الشمالية بعدما تركت كندا منذ عام ونصف العام، فقررت أن أبقى بضعة أيام إضافية لزيارة بعض الأحبة هناك، وتعرَّضت أثناء زيارتي لبعض القصص من أبناء الجالية العربية، وهذه لمحة عنها:
- القصة الأولى: تقدَّم لخطبة ابنتي شاب باكستاني، في الحقيقة كنا نتمنَّى أن تقترن بشاب عربي، لكن.. هذا هو النصيب الذي طرق بابها. البنت تجاوزت الثلاثين من عمرها ونخشى الاستمرار في انتظار ذلك العريس العربي الذي – على ما يبدو – أنه لن يأتي، فالأمر بات غاية في الصعوبة، خصوصاً أننا لا نحب ثقافة تلك البلدان مثل الهند وباكستان، ولا ندري ماذا نفعل.. أنوافق أم نرفض؟
- القصة الثانية: نبذل جهوداً كبيرة لتطوير الجالية العربية من خلال التعاون مع المراكز الإسلامية، قمنا بابتكار الكثير من الدورات التدريبية في مجالات بناء الأسرة وإدارتها، إضافة إلى دورات في تربية الأطفال ومساعدتهم على الإندماج في المجتمع الغربي، النتائج حتى الآن باهرة، والكثير من الأخوة تحمَّسوا للعمل معنا كمتطوعين في هذا المشروع.
- القصة الثالثة: هل نعود إلى الشرق؟ نشعر أننا مُرهقون من الحياة في أمريكا.. لقد تعبنا كثيراً ولم نعد نحتمل، أصبحت الحياة قبيحة هنا، أولادنا ذهبوا إلى الجامعات في ولايات بعيدة ولا ندري إن كانوا سيعودون مرة أخرى للعيش معنا. نفكِّر جدياً بالعودة إلى الشرق لإكمال ما تبقَّى من عمرنا هناك.
- القصة الرابعة: جاءنا رجل أمريكي أبيض للتعرف على الإسلام، وقد عملنا معه لمدة خمسة أشهر بشكل يومي وأجبنا على جميع تساؤلاته، والجمعة الماضية اعتنق الإسلام في تجمع حاشد بعد صلاة الجمعة. الحمدلله كان شعوراً رائعاً، فقد رأينا ثمرة جهودنا تأتي أُكُلها.
- القصة الخامسة: في الشهر الماضي اكتشفنا أنَّ ابنتنا تتعاطى المخدرات، فألحقناها بمركز إعادة تأهيل المدمنين. هذه الحادثة كسرت ظهرنا كثيراً.. فلم نكن نتوقعها في يوم من الأيام، كنا نعتقد أنَّ البيت هو الأساس وأننا مسيطرون على أولادنا تماماً، لكن على ما يبدو أنَّ المجتمع الخارجي كان أقوى، والصحبة السيئة سحقت كل ما كنا نحلم به في هذه البلاد!
- القصة السادسة: هل تذكر محمد ابن أخي الذي جاء للدراسة في أمريكا؟ قام بتأسيس شركة أنظمة ذكية في (وادي السيلكون – Silicon Valley). بسم الله ما شاء الله.. الشركة كبرت خلال السنوات الأولى ومُتوقَّع لها أن تفوق قيمتها الـ ٥٠ مليون دولار في السنوات الثلاث القادمة. أفرحنا كثيراً هذا الشاب ورفع رأس الجالية العربية عالياً.
- القصة السابعة: في العام الماضي هربت ابنتهم مع شاب أسود بعدما أنجبت منه طفلاً غير شرعي. والدها أصابته ذبحة صدرية كاد أن يموت على إثرها عندما صارحته برغبتها بالإقتران بهذا الشاب. المشكلة أنه ليس مسلماً ولا يريد اعتناق الإسلام ويُجاهر بانتماءه لعصابات المخدرات وبيع الأسلحة. جسده مليء بالأوشام الشيطانية ولباسه وضيع ولا يحترم أحد. والطامة الكبرى أنَّ البنت عندما ندمت وقررت الإنفصال عنه والعودة إلى أهلها، هدَّد بقتلها وقتل أهلها إن تركته، فبقيت معه خشية الضرر، ولا أحد يدري كيف يمكن مساعدتها؟
- القصة الثامنة: أخيراً قد حصلت ابنتي على منحة الدكتوراه التي عملت جاهدة لنيلها منذ سنوات، الجميل أنها حصلت عليها من جامعة في نفس المدينة التي نسكنها ولن تُضطَّر للرحيل بعيداً. البروفيسور المُشرف على رسالتها متعاون جداً وبشَّرها بأنَّ لديها فرصة كبيرة للعمل في الجامعة بعد الإنتهاء من رسالة الدكتوراة. كم نحن فخورون بها!
- القصة التاسعة: لم نكن نشعر بتغير شخصيته قبل أن يُصارحنا برغبته بالإقتران بشاب مثله! كان شاباً طبيعياً يلعب الرياضة ويدرس في الجامعة ويذهب للصلاة مع والده يوم الجمعة في مسجد المدينة. مازلنا حتى اللحظة لا نستوعب ما الذي يحدث ولا نفهم ما الذي دفعه لذلك؟! والأسوأ أنه يُفكِّر في ترك الإسلام ولا ندري كيف السبيل للتعامل معه، هذا أمر يفوق كل طاقاتنا وقدراتنا!
- القصة العاشرة: لم يطلب منها أحد.. جاءت من تلقاء نفسها وأبلغتنا برغبتها في ارتداء الحجاب، سعدنا جداً بذلك على الرغم من أننا عائلة عادية غير متدينة. فقد شعرنا بالأمان من توجهها الديني، خصوصاً في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها أبناء وبنات الجالية في أمريكا.
*** إنتهى ***
الكثير يحلم بالهجرة إلى الغرب، والكثير أيضاً يحلم بالعودة إلى الشرق، وبين كلا الحلمين قصص كثيرة تُفرحنا وأخرى تُبكينا، لتتركنا في حيرة من أمرنا مُشوَّشون لا ندري ما القصة التي ستُحكى عنا في يوم من الأيام؟ وإن كنا بذلنا كل ما في وسعنا لركوب قارب النجاح الذي ركبه مَن هاجر قبلنا، ما عسانا أن نفعل إن اكتشفنا أننا قد ركبنا القارب الخطأ ونحن في وسط المحيط؟ يا لها من حياة صعبة.. تباً لها لا يوجد فيها ضمانات، سوى رحمة الله وتوفيقه وستره.
عناية السيد حسين تحيه طيبه وبعد
سعيد بإتاحة الفرصة لي لتسجيل إعجابي بمقالاتك و مقاطع اليوتيوب، أنا متابع مستمر وبحرص لكل ماتقدمه مع انني اختلف مع بعض من آرائك ولكن الخلاف لا يفسد للود قضيه كما كانو يقولون.
في المقال قدمت بوضوح واختصار فوائد و عيوب الهجرة ( وهنا انا اعني الهجرة الى كندا لانني مقيم في ميسيساجا أيضا )
ولكن المقارنه لم تكن عادله من وجهة نظري وذلك لان المميزات صحيحه لن أتحصل عليها في بلدان الأنظمة ألعربيه أمما العيوب فكندا لم تقدمها لي هي موجوده في بلداننا أيضا وبكثره ، ما اكثر هذه القصص في بلداننا.
كندا لم تقدم حل لهذه المشاكل ولكن قدمت لغيرها وأنت ذكرت بعضها في المميزات وبالتالي أنا مازلت انتظر منك تكمله لتوضح العيوب التي سببتها الهجرة والهجرة فقط بمعنا اخر عيوب غير موجوده في بلداننا .
تحيه لك من شوارع مسلمساجا
صراحة من كلامك استفدت انه في الغرب يصبح النجاح ممكنا لكن الأسرة قد تكون ضحية هذا النجاح
استاذ حسين شكرا عل التدوينة .. لكن العنوان يجب ان يكون … قصص من واقع الغربة
اعطيت عنوان اعتقدت انك ستجيب على السؤال من وجهة نظرك وانت لم تتكلم عن وجهة نظرك اصلا في هذه التدوينة
اعرف رايك من خلال الفيديوهات
كل مقالاتك فائقة الجمال
راءع استاذ حسين وفقك الله كلام موزون من شخص فعلا لا يتكلم الا عن درايه ودراسه لما يحدث
لماذا لا نعترف ان هذه دنيا و ان كنّا في الشرق و لم نخرج أبدا ، فهذه المشاكل موجودة ، نحن نسلط الأضواء عندما نكون في المهجر و نتعامل مع نفس المشاكل بل و أسوأ منها و نحن في بلدنا على انها ابتلائات و امتحانات ، نحن وراءنا تأنيب الضمير من مجتمعاتنا لأننا رفضناها و نحاول إيجاد الأفضل و رسخت في ذهننا اننا سننتقل الى الجنة فتستغرب من المشاكل و العوائق .
كل ما في الأمر اننا يمكن نسيطر اكثر على بعض المشاكل بحكم البيئة التي نعيش فيها ، فالأبوين لهم السلطة المطلقة مع الأولاد عكس هذه البلاد فهم لهم حقوقهم و يحميها القانون و لا يتنازل عليها .
اضن اننا لو نعيش عبيد لله خادمين لديننا ما همنا أين نحن .
انا من رئي عندما اضطهد في ديني فعلي الهجرة ان استطعت و لا ابكي أبدا على أهل او بلاد او قانون يحاربني في ديني .
لنتذكر نحن في الدنيا و نجتاز امتحان تلو الآخر و في الأخير سوف نحمل اعمالنا و نوايانا و أمنياتنا معنا للآخرة . انتهى .
اَي والله. نحن في حيرة من امرنا. بعد قضاء خمس سنوات هنا في كندا. نعمل جاهدين للعودة للشرق. الميزان ذو كفين بين الشرق والغرب. لكن بالنسبة لي الشرق بكل مساوءه أفضل. ولكن هذا لا يعني تخفيف الجهد على الابناء. لابد من ابقاء الجهد عليهم كما كان عليه الحال او حتى زيادته. الجهاد والمثابرة في تربية الابناء وحتى في تربية الذات لابد ان يكون حاضرا وله الأولوية سواء بالشرق ام بالغرب.
شكرا لك على المشاركة.
إن ما يرهن نجاح الهجرة إلى بلاد غير المسلمين بالدرجة الأولى تربية الأولاد تربية سليمة، فإما أن تكون مشروعا ناجحا وإما فشلا ذريعا في الدنيا والآخرة.
مقال جميل نحن العرب بين تائهون بين مطرقة الشرق ومشاكله وحروبه وسندان الغرب والإنفتاح الذي قد يضيع أولادنا
فعلا ..هذا هو المهجر ..
لاندرى ما يحمله الغد لاولادنا ..لا نملك سوى الالتزام بالدين والدعاء لهم بصلاح الحال
مقال اكثر من رائع بوركت