يا لها من سنة.. غريب أمرها وعظيم شأنها، الكثيرون يرونها نقمة وعذاب.. وأراها تصفية حساب!
تذكرني (٢٠٢٠) بسورة التوبة التي عُرِفَت أيضاً بـ (الفاضحة) لأنها فضحت المنافقين وهتكت سترهم وبعثرت أسرارهم.. وهكذا (٢٠٢٠) فعلت! فأبت أن تُبقي شيئاً مخفياً في حضرتها.. ولم تترك طريقاً مُظلماً إلاَّ وأنارته.
أراها سنة النور واليقين التي طالما انتظرت، فكما كشفت عن سرائر مرضى القلوب والأنفس السَّامة، كشفت لنا – أيضاً – عن قدراتنا الغير مُستَغلَّة وقوانا المُهدرة في غير محلها، فإن كنت في شك من بعض قدراتي الذاتية ومهاراتي الشخصية، سنة النور هذه جعلتني أتيقن من وجود تلك القدرات فعلاً.. وأني قادر على استغلالها وتوظيفها إن أردت ذلك!
سنة اليقين جعلتنا جميعاً نعود إلى أنفسنا التائهة عندما أجبرتنا أن نُصلِّي في بيوتنا، نعم.. نحن جيل (صلُّوا في بيوتكم) الذي عاد – رغماً عن أنفه – إلى بيته في إقامة جبرية.. ليتفاجأ بحجم الهزائم التي يعاني منها بيته من الداخل.. وعلى رأسها الهزيمة النفسية التي قد تكون أبشع أنواع الهزائم التي عرفتها البشرية.
نعم.. سنة صعبة لأنها سنة التغيير الذي كنا نبحث عنه طويلاً، وعندما أجبرنا عليه.. نفرنا منه خوفاً من المجابهة، فسنة النور هذه وضعت حداً للتسويف الذي أصبح جزءاً منا، وأجبرتنا على أن نُفاجئ الشيطان ونُباغته كي نتحرر من سطوته، فكان لابد من نهاية إجبارية لمسلسل الوهن الذي أجهز علينا جميعاً ومن دون رحمة.
النهايات الصعبة دائماً ما يتبعها بداية شيء جميل، فقد تجد نفسك اليوم – فجأة – على مشارف بداية جديدة.. بداية مهمة.. بداية كنت تنتظرها منذ عقود.. فحاول أن تستمتع بها ولا تهدرها حتى تكون جميلة حقاً، وكن على يقين أنَّ البدايات لا تكون جميلة إلاَّ إذا أتيتها وأنت مُفعم بجمال داخلي كي تراه في تلك البداية، وقتها.. ستستمتع بالرحلة الجديدة وسيمكنك أن تصنع الفرق الذي تحلم به في هذا الوقت العصيب.
القادم – بإذن الله – أفضل.. فقط لو حاولنا السير تجاهه بعقول منفتحة مليئة بالأمل، والأهم.. ألاَّ نسير فُرادى ونسير سوياً كي نشد أزر بعضنا.. ونسند أنفسنا المُتهالكة من ألم الخيانة التي أصحبت لا تخجل أن تكشف عن نفسها.
ما أحوجنا أن نكون معاً في مثل هذه الأوقات الحاسمة حتى نبقي على العهد.. عهد المروءة والشجاعة والشرف.. في زمان يفتخر السفهاء فيه أنهم باتوا بلا شرف!