ما الذي يحزننا؟

|

حسين يونس

إنقضى عيد الفطر ومن قبله رمضان وقلوبنا لم تنتعش بسعادة تُذكر، وغيوم الحزن أظلتنا من كل جانب وأكأبت أفراحنا، حتى غدت أعيادنا ومناسباتنا لا يأنس بها أحد، والجميع فضل النوم في منزله على لقاء المحبين … لماذا؟ ما الذي يحزننا؟ لماذا لم نعد نستشعر الفرح في أعيادنا كسابق عهدنا عندما كنا أطفالاً؟ هل فعلاً العيد والمناسبات للصغار فقط؟ لماذا غير العرب يفرحون بأعيادهم كباراً وصغاراً؟ إذا كنا نحن أهل حق وديننا حق وأعيادنا حق … لماذا لا نوفَّق بالفرح فيها؟ ألا يستحق هذا الأمر منا وقفة للتأمل بحالنا لمعرفة سبب هذا الكسل النفسي والخمول العاطفي تجاه الفرح؟ أم أصبحنا لا نفقه ما هو الفرح؟ سؤال طالما حيرني وأرهقني … لماذا نحن العرب المسلمون دائمي الحزن؟ الأمر لم يعد يقتصر على الأعياد والمناسبات فقط، فالواقع يشهد بأنه أصبح لا يُفرحنا شيء أبداً حتى لو حققنا كل أحلامنا وأنجزنا أهدافنا … لا شيء يُفرحنا.

الأسباب كثيرة وسأحاول حصرها، فالمشكلة تكمن في كوننا أصبحنا لا نعيش البساطة لا على الصعيد الروحي ولا على النفسي، فكل شيء في حياتنا أصبح صعباً متكلفاً وليس على سجيته، فلو تركنا الدنيا كما أرادها الله سبحانه وتعالى لفرحنا كثيراً، ولكننا صعبنا كل شيء على أنفسنا، فالله سبحانه وتعالى أرادنا أن نكون في العالم الأول ونحن اخترنا أن نكون في العالم الثالث، الله جعل الدنيا حلوة خضرة بسيطة ونحن جعلناها قبيحة صعبة ليس لها لون … من أين سيأتي الفرح؟

من أين سيأتي الفرح وأنت تقوم بأداء ما لا ترغب، لابد من وقفة حقيقية مع النفس لمراجعة إن كنا فعلاً نرغب بعمل ما نقوم به الآن، أم أننا فقط نقلد وننجرف خلف المجتمع؟ هل فعلاً أردت شراء هذه الملابس؟ هل فعلاً أردت أن تقتني هذه المركبة؟ هل فعلاً عندما تتكلم تعبر عن رأيك أم أنك تصمت وتقلد كي لا ينتقدك الآخرون؟ هل تعمل في التخصص الذي تحب؟ لماذا أرهقت نفسك بتحديات ومنافسات أنت في غِناً عنها؟ هل فعلاً كنت تريد الإلتحاق في هذه الدورة أم أنك قمت بتقليد أصدقاءك؟ هل أنت مقتنع بأهدافك التي وضعتها لنفسك أم أنك قلدت الآخرين؟ عندما تدرك ما الذي تريد فعله في هذه الدنيا، وقتها فقط ستبدأ بوضع قدميك على أول درجات السعادة الحقيقية، لأنك وبكل بساطة ستعطي نفسك مجالاً أوسع للإستمتاع بالحرية، والتقليد يؤدي إلى كبت الحريات الفطرية التي هي من أهم مقومات السعادة.

من أين سيأتي الفرح وأنت تهندم نفسك وتتطيب في كل يوم لتذهب إلى العمل لتحقق أهداف شخص آخر؟ فقد أثبتت الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يعملون في الوظائف هم أقل سعادة من الأشخاص الذين يُديرون مؤسساتهم الخاصة حتى وإن كانت أجورهم مرتفعة، ويعود السبب إلى إنحسار الحرية في الوظيفة مقارنة مع العمل الخاص.

من أين سيأتي الفرح وقد ألِفت النعم؟ فأصبحت لا تستشعر قيمة ما بين يديك من عطايا وكأنها دائمة، ففي السابق كان الإنسان يفرح بما يشتري لأنه يبذل الغالي والنفيس حتى يمتلكه، أما الآن … فأنت لست بحاجة حتى للتمني، يمكنك اللجوء إلى الإستدانة من صديق أو من البنك المصرفي لتمتلك ما تتمنى.

هذا على الجانب المادي، أما على الجانب المعنوي وهو الأهم، لم يعد أحد يكترث لأحد في مجتمعاتنا العربية، النفس تشعر بسعادة غامرة عندما تساعد الآخرين، وأثر الإنجازات المعنوية أقوى وأكبر بكثير من الإنجازات المادية، هل فكرت يوماً بالتوجه للعمل التطوعي؟ هل فكرت يوماً بفعل شيء لله؟ أم أنك دائماً تنتظر مقابل لما تنوي القيام به؟

من أين سيأتي الفرح وأنت تحسد من حولك بإستمرار على ما رزقهم الله من نِعَم؟ فكونك لا تفهم سُنن الله الكونية ستبقى تنتقد الآخرين من باب الغيرة والحسد وتتمنى ما عندهم فقط لسبب أنهم إمتلكوه، وهذا الأمر أثر سلباً على طرق تعاملاتنا اليومية والتي أصبحت لا تعكس إلاَّ حقدنا وسواد قلوبنا، فنحن لا نرى إلاَّ سلبيات من حولنا ولا نُظهر محاسنهم ولا نتكلم عنها أبداً، زميلك الذي تعمل معه وصديقك القديم أصبح لا يستطيع أن يُخفي حسده لك أبداً … فعندما يرى منك شيئاً مميزاً إما يستهزء بك وإما يثبط من همتك، ولسان حاله يقول: ( أرغب أن تكون أقل مني … وأقبل بصعوبة أن تكون في مرتبتي … لكن أن تكون أعلى مني فلا! ) وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

من أين سيأتي الفرح وأنت ليس عندك من تشاركه أفراحك؟ إذا كنت عازباً … تزوج، وإذا كنت لا تمتلك الأصدقاء … إبنِ علاقاتك، فالدراسات الإجتماعية أثبتت أنَّ الإنسان لا يستطيع العيش دون علاقات إجتماعية، لابد من أن تبني علاقات نظيفة خالية من المصالح المادية حتى تُثمر وتستمر، أسوأ ما في العلاقات أن يرن جرس هاتفك من صديق تعلم أنه إما سيقول لك شيئاً يُزعجك، أو سيكون له مصلحة ما. يقول « د. هال أوربان »: ( عندما بدأت مهنتي التعليمية في عمر الخامسة والعشرين، أخذني تحت جناحه زميل لي كان أكبر مني بحوالي ثماني سنوات، وقد شعرت بالفخر لأنه كان مدرساً بارزاً، وعرفت أنني أستطيع تعلم الكثير منه، وقد أخذ الوقت الكافي لإبراز الأشياء التي كنت أخطئ فيها وشرح ما لا يحبه بعض تلاميذي بخصوصي، وكنت أقدِّر انتقاده دوماً وأعمل جاهداً للتحسن في تلك المجالات. وعندما بدأت السنة السادسة من مهنتي، إلتحق « تيم هانسل » – صديق آخر – بكليتنا ولقد كان واضحاً منذ اليوم الأول أنه كان يتمتع بشعبية كبيرة مع الطلاب، ولم يمض وقت طويل قبل أن أكتشف لماذا كان تيم مؤثراً ومحبوباً إلى حد كبير، لقد بدا أن لديه موهبة خاصة في إبراز الأفضل عند الآخرين، وكان يؤكد في تعامله مع طلابه إما ما فعلوه بشكل صحيح أو ما باستطاعتهم فعله بدلاً من التأكيد على أخطائهم، وكان يفعل ثلاثة أمور وبشكل دائم في كل صف من صفوفه: فقد كان يحيي الطلاب عند دخولهم الصف، ويمتدحهم لإنجازاتهم، ويشجهعم على أن يحققوا أفضل ما لديهم. وكان لدى تيم شيء جيد يقوله لي، إذ كان يشير إلى جميع الأمور التي أقوم بها بشكل جيد، وقال إنه معجب بي لإخلاصي ولأنه كان من الواضح أنَّ عملي الجاد يؤتي ثماره.  وبعد فترة ماذا حل بتلك الصداقتين؟ من المحزن أنَّ الأولى قد إنتهت بعد سنوات عديدة، فقد كان إنتقاده مستمراً لي إلى حد كبير، وهكذا أرهقني في النهاية، أما الصداقة الثانية فاستمرت بالإزدهار لأكثر من ثلاثين سنة، وفي الحقيقة أصبحت أغنى بينما كنا نكبر أكثر فأكثر، وأنا مازلت بحاجة إلى تيم ليعطيني دفعة إلى الأمام سواء كنت بحاجة إليها أم لا. ) من كتاب الدروس الكبرى للحياة ص 145 – 147.

أتساءل عزيزي القارئ، ماذا يُريد الإنسان سوى كلمة طيبة حتى يستمر في إكمال مسيرة حياته؟! هل لديك صداقة حقيقية استمرت لأكثر من 10 سنوات؟ وتتساءل لماذا لا تشعر بالسعادة؟

وقفت على كثير من الأسباب التي تقتل الفرح ولا تأتي بالسعادة، ووجدت أنَّ الفرح نابع من الروح وليس الجسد، وهذا يعني أن الأمور المعنوية تُدخل الفرح والسرور على الإنسان أكثر بكثير من الأمور المادية، وهذه نقطة غاية في الأهمية لا يدركها الكثيرون، فعندما تنوي شراء مركبة جديدة، تبقى تحلم بها وتعد الأيام والليالي حتى يأتي اليوم الذي ستقتنيها فيه، وعندما يأتي هذا اليوم، سرعان ما تتبخر سعادتك وكأن الأمر كان سهلاً جداً ولم يكن حلماً في يوم من الأيام، بينما عندما تساعد شخصاً ما على إنجاز شيء ما فيه خير له وتتمكن من ذلك، ستجد السعادة تغمرك من كل جوانبك ولوقت طويل جداً، حتى أنك عندما تتذكر الموقف بعد سنة او أكثر، ستبقى تشعر بنفس الشعور الجيد، لأنك غذيت الجانب المعنوي وليس المادي. روى ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لأن أمشي في حاجة أخي حتى أثبتها أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً )) المعجم الكبير للطبراني حديث 13646.

إذاً يجب علينا أن نهتم بالمعنوي أكثر من المادي، وهذا أمر غاية في السهولة، سأعطيك خلاصات الأمور التي تأتي بالسعادة، وصفة مُجربة لها أثرها الطيب بإذن الله:
1. تأكد من أنك تفعل ما تريده أنت وليس غيرك.
2. ركز على إيجابيات من حولك وأظهر أفضل ما عندهم.
3. إفعل شيئاً يومياً يدخل السعادة إلى قلوب وبيوت من حولك.
4. إبنِ علاقاتك مع من يستحق وشاركهم المعلومات المفيدة وأحلامك وأفراحك.
5. تخلص من نظرية المصلحة ولا تنتظر أجراً مقابل ما تُقدم.
6. لا تحسد من حولك على ما وهبهم الله، وتأكد من أنهم قد بذلوا الكثير من الدعاء والتخطيط والعمل ليصلوا إلى ما وصلوا إليه.
7. كن صريحاً مع أهم الناس إليك، ولا داعي للمراوغة في العلاقة حتى لا تلتهب وتصدأ.

 

7 رأي حول “ما الذي يحزننا؟”

  1. رداً على تعليق الشيخة محمد : أحسنتي أخت الكريمة، كل ما عليكي فعله هو الإستمرار قدماً في عمل الخير وعدم الإكتراث بمثبطين الحاسدين، ولا أنصحك بالتواري خجلاً عند فعل الخير … على العكس تماماً يجب أن تفخري وتعلمي من حولك فعل الخير دون أن يتسلل الغرور إلى داخلك.

    رداً على تعليق طموح انثى : زادك الله طموحاً أختي الكريمة وأعانك على تحقيقه، وصدقني … ستفرحي وتفرحي كثيراً إن صدقت نفسك في الذي تريدنه، وعندما تضعي حجر الأساس لمشروع حياتك الذي تريدينه أنت ستعيشي سعادة حقيقية ليس لها مثيل، المهم لا تقلدي غيرك لأنهم فعلوا ذلك.

    رداً على تعليق قوت القلوب : أحسنتي أختي الكريمة، فقد سطرتي كلمات من ذهب، أعجني كثيراً وصف ( الإكتئاب الخفي )، وهذا وصف حقيقي لما يحدث بالفعل لكثير من المسلمين، فالسعيد الآن من يتحلى بشيمة الصبر المؤدي إلى الرضى والهدوء النفسي المؤدي أيضاً بدوره إلى الإستمرار في نواحي الحياة الأخرى.

    وأؤكد على كلامك من أنَّ السعادة ممكن أن تكون عادة نتدرب عليها بشكل يومي ونفرح بالأخبار البسيطة وإنجازاتنا الصغيرة.

    لكي مني جزيل الشكر على هذا التعليق الأكثر من رائع والنابع من فهم عميق لمشكلات المسلم اليومية.

    رداً على تعليق iCoNzZz : أنا أعتقد أنك على حق أختي الكريمة، مذاق الفرح الحالي قد تغير عن مذاق أسلافنا، ولكن أتساءل … لماذا لا نصنع مذاق فرح جديد خاص بزماننا؟

    رداً على تعليق ريم حسن : أوافقك الرأي، وهذا له وصف واحد: أننا لا نحب أن نتحمل أي مسؤولية! وهذه من أكبر المصائب التي أودت بمستقبل العرب المسلمين، فسياسة الإستهلاك العنيف والتي كبرنا عليها أدت بنا إلى هاوية التواكل، فلا أحد يمتلك مشروعه الخاص لنهضة الأمة، وأصبح وقت الفراغ فقط لمضايقة الآخرين. وكل ما ذكرتيه من تخطيط وتجهيز للفرح والعيد يحتاج أمة تحب التخطيط والعمل … وهذا ما لا يتقنه قومنا للأسف.

    رداً على تعليق نبيل البكيرات : صدقت أخي نبيل، أنا لا أدري ماذا حل بالمسلمين؟ أسكن لمدة خمس سنوات لا أدخل بيت جاري ولا هو حتى يفكر ولو للحظة بأن يطرق بابي لزيارتي … شيء عجيب.

    أنا أعتقد أنَّ لسياسة التدجين العربية السبب الأكبر في خنوع المواطن العربي ونكوصه على نفسه، فلا أحد يطيق أن يقع في مشكلة ولو للحظة واحدة، ما أدى إلى كل هذا الجفاء في علاقات المسلمين وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    رد
  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    كل عام وانتم جميعا بخير، اسمحوا لي أن اضيف أن من أهم اسباب عدم فرحتنا وليس اهتمامنا بالفرح هو ضعف ايماننا, فنحن والحمد لله مسلمين (غثاء كغثاء السيل)ولكن نفتقر الى الإيمان فأين حب لجارك ما تحب لنفسك، فكثير من الناس لا يكلف نفسه عناء معرفة جاره وأين آداب المعاملة.
    ان الايمان يولد السكينة والطمأنينة والسرور.
    وجزاكم الله خير.

    رد
  3. أتعلم أخي حسين.. إضافة للأسباب الوجيهة التي ذكرتها لغياب معالم الفرح، أضيف:

    – نحن ننتظر من يفعل، ولا نجتهد في أن نفعل..

    – ننشغل بعيوب غيرنا، وننسى أنفسنا.. فعندما نشاهد برنامجاً دينياً أو توعوياً، تبدأ خلايانا بالبحث عن أقرب شخص يمكن إسقاط ما ذُكر – من الصفات السلبية – عليه، في محاولة لشغل الأذهان عنا، وهكذا نعيش في موقف المدعي، والمدعى عليه، وكأننا في ساحة قضاء غاب عنها القاضي!

    حياة فوضوية، يغذيها سوء الظن المؤدي لسوء القول والفعل..

    – أمر آخر لاحظته بخصوص الفرحة في العيد، وهو أن النصارى في احتفالهم بعيد الكريسمس، وجدتهم يستعدون له قبل شهر من تاريخه، بل أنهم يشترون مفكرات خاصة بهذه المناسبة، لتساعدهم في الاستعداد الأمثل لها.. وهذه نقطة هامة جداً.. قمت بتطبيق هذه الفكرة هذا العام، ففي شهر شعبان بدأت الاستعداد لعيد الفطر، فانهينا شراء الملابس والهدايا، ووضعنا تصوراً لما نود القيام به في العيد، وكانت نتيجة هذا الاستعداد رائعة ولله الحمد، فنحن استعدينا قبل أكثر من شهر، وبالتالي لم ننشغل في رمضان بالعيد، ولم يشغلنا رمضان عن العيد :)..

    وكل ما في الأمر [ نية تطبيق سنة الفرحة بالعيد + تخطيط + جدية في التفيذ ]

    – أمر أخير، وهو: لا أجمل من المفاجآت، فاجئ من تحبه بهدية تسعده، اكتب قائمة بأحبائك، وقدم لهم هدية – ولو بسيطة – في العيد، سيكون لها طعم آخر، وأثر جميل في عيدك وعيدهم..

    أختم بجزيل شكر لنظم الدرر الذي أهديته لنا أخي الكريم في هذا المقال.. بارك الله فيك..

    رد
  4. الأخ الكاتب الفاضل…
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…
    مقال رائع و في الصميم أو كما يقولون بالعامية “جاء على الوجع” .
    للأسف أخي فعلاً أصبح استشعار السعادة هذه الأيام أمر صعب ،و بعد أن كانت الضحكة تنبع من القلب حلت محلها التنهيده و أصبحنا نتنهد من القلب. استفزني الكلام الرائع الذي ذكرته أعلاه إلى ذكر أمور أراها من حولي:
    أعتقد أن الأصل أنه كلما زاد البلاء من المفترض أنه كلما زاد التوكل على الله، لكن ليس هذا ما يحصل فعليا فمع تسارع أحداث الحياة و توالي الابتلاءات فقدنا حس التوكل الحقيقي و أصبح مجرد أدعيه غير محسوسة. يحضرني الدعاء الشهير و الذي نحفظه جميعا ” اللهم أجرني في مصيبتي و اخلفني خيراً منها” من منا عاد يذكره و يستشعره بمجرد حدوث ما يسوؤه، بل نتذكره بعد أن نهتم و نفكر و نقوله من باب رفع العتب و ليس اليقين.
    أعتقد أننا فقدنا القدرة على الصبر فموضوع الصبر مع الهدوء النفسي و الإطمئنان عند البلاء يحتاج إلى الممارسة و التدريب و نحن فقدنا الجلد و لم تعد لدينا القدرة للتحمل . ليس لدينا القدرة على الدعاء و ترك التدبير على الله و المضي قدما مع الهدوء و الإبتسام فإن حصل ما يسوؤنا استحوذ على تفكيرنا و شل حركتنا عن باقي نواحي حياتنا .ربما لو تذكر كل منا ماضيه لوجد أمورا حصلت يستغرب كيف صبر عليها في حينها لكن كانت القدرة على التحمل أكبر و مع الوقت خفت شيئا فشيئا.
    و أخيرا أخي الكريم أعتقد أننا مصابون و دون أن نعلم بالإكتئاب الخفي و الذي أثر فينا أيما تأثير و لم نعد نرى السعادة من حولنا و لم نعد نرى الدنيا بألوانها الحقيقية. رغم أن الله سبحانه و تعالى أخبر في كتابه أن الإنسان خلق في كبد لكن الإنسان أضعف من هذا الكبد.
    ختاما أقول أنه رغم الأحداث من حولنا فمن الممكن أن ندرب أنفسنا على الابتسام حتى يصبح مع الوقت ضحكة من القلب و نعدي به الآخرين ، و نحن من وقت لآخر نفرح من قلوبنا عند لقاء أحبابنا أو الاجتماع بأخلائنا أو عندما نلقي بأنفسنا في أحضان أمهاتنا أو عندما نقدم عونا لأحدهم فلنحاول الإكثار من تلك الأمور . و الحمدلله أننا ما زلنا نرى أطفالنا من حولنا يضحكون من قلوبهم و لنتعلم منهم كيف نضحك معهم حتى نضحك مع غيرهم ، و لنغرس فيهم الضحكة لتكون أقوى من أن تختفي مع الأيام .
    نسأل الله العلي القدير أن يرزقنا الفرح دائما و يرزقنا الفرحة الكبرى عند لقائه و النظر إلى وجهه الكريم جميعا آمين

    رد
  5. تدوينة قوية واسلوب رائع في الطرح

    اتوقع أن الحزن والشكوى ليست حالة نعيشها مؤقتة .. بل اصبحت عادة ففي وقت كان صاحب الوجه الجدي .. والعابس هو الانسان الذي يفهم الحياة حقا ..الانسان الذي يعمل ولاتلهييه التوافه..

    اتوقع للثقافة دوور . ودرو كبير .. فجملة نردداها جميعا العيد للاطفال ..وغيرها الكثير الذي حفرت في اذاهاننا ان سعادتنا شئ كبير نظل نبحث عنه ونرهق وهو حولنا دائما

    شكرا لك ولقلمك
    طموح

    رد
  6. جزيت الجنة عل هذه التدوينة المحفزة حقا ..

    ما يؤلم النفس المتحمسة للعطاء محاولات الزملاء في العمل لتثبيط الهمة .. والصداقات التي نمت في العمل غالبا ما تنفصم عراها عند تغيير العمل إن كانت لمصلحة العمل …

    شخصيا ، يملؤني الفرح عندما أساعد أحدهم و أكاد أتوارى خجلا إن شكرني أحدهم على صنيع قدمته … شعاري الذي أنتهجه في حياتي دائما هو احتساب الأجر فيما أعمل وكل ما أعمل ..
    عندها لن يتسرب لنفسي الضيق أو التذمر و إن حدث سرعان ما أذكر نفسي أن الأجر على قدر المشقة فأعود لألملم شتات نفسي وأوجهها لطلب الأجر من الله وألا أنتظر شكرا من أحد .

    رد

أضف تعليق