لن أتكلم اليوم عن خطوات التخطيط وآليته، فقد كتبت منذ ٥ سنوات مقالاً مطوَّلاً في هذا الشأن بعنوان: (هل خططت لحياتك؟) ويمكنك الرجوع إليه لتعلم كيفية التخطيط ومراحلة، لكن ما سأتكلم عنه اليوم هو أمور يجب الإنتباه لها خلال مرحلة التخطيط ومن ثم التنفيذ كي تحصل على أقصى فائدة ممكنة من العام الجديد، وقد تكون تلك الوصايا لا تقل أهمية عن التخطيط نفسه، فاليوم – ككل يوم – يمكنك البدء من جديد، وما عليك سوى الجلوس في خلوة مع كوب من القهوة في هدوء وصراحة، وأمل بمستقبل أفضل آتٍ إليك بإذن الله.
الوصايا العشر:
- خطط لنفسك ودعك من الآخرين: إذا أردت أن تنجح في تنفيذ خطتك وتحقيق أهدافك فلا تربط نفسك بأحد، لا بصديق ولا بقريب، فما أنت مُقدم عليه وتنوي تحقيقه هو لنفسك أنت وليس لأحد غيرك، والوحيدون الذين لهم الحق في أن يكونوا ضمن خطتك وقائمة أهدافك هم أولئك الذين لك يدٌ عليهم وترعى مصالحهم مثل زوجتك وذريتك، فلا تربط مصيرك بالآخرين مهما كانت علاقتك بهم وطيدة لأنهم غالباً ما سيخذلونك، فستجدهم يتحمسون لقضية ما في لحظة ما، وفي اليوم التالي يتحول الحماس إلى فقاعات صابون، الأمر الذي سيؤدي إلى إحباطك وعزوفك عما تنوي إنجازه ليصيبك الوهن والفشل، فكلٌ له دينه وعقله وإختياراته، فاتركهم وشأنهم وتولَّى نفسك.
- إبدأ من حيث أنت موجود الآن: لا تنتظر حدثاً مُعيَّناً لتبدأ بتنفيذ خطتك وتحقيق أهدافك، كإنتظار هجرة إلى بلد ما أو تغيير مكان عملك، فقد يطول الإنتظار جداً وقد لا يأتي ما تنتظره، فباشر بتنفيذ خطتك حيث أنت، فقليل من الإنجاز اليوم سيقود إلى كثير من الإنجاز غداً، والبدء في التنفيذ خطتك سيساعد على تنقيح أهدافك وتطويرها، وتذكر أنَّ أبواب النجاح لن تنتظر طويلاً، فالبارحة أفضل من اليوم، واليوم أفضل من الغد، والغد أفضل من بعده، فاحسم أمرك وأرسم قَدَرَك بنفسك وكُن سيد حياتك.
- إخلع النظارات السوداء: البعض يقول (أجلس لأكتب خطتي ولا أعلم ما أريد، وإذا علمت لا أدري كيف أحققه، يبدو أنه قدري ألاَّ أكون محظوظاً، وكل تلك العملية – أي التخطيط – أشبه بالمهمة المستحيلة!)، المشكلة بأنَّ القائل بمثل هذا لا يعلم أنَّ ما يُعيقه عن التخطيط هو ذلك الحجاب السميك الذي وضعه على عينيه، غالباً بسبب البيئة التي ترعرع فيها وأورثته أفكاراً مُدمِّرة، فجعلته لا يرى من العالم إلاَّ اللون الأسود، فإذا كنت من تلك الفئة ولسانك كالبغبغاء يكرر كلمات العجز: (لا أعلم / لا أدري / لا أقدر / غير ممكن / ليس لي حظ / إلخ) فلابد من أن تخلع عن عينيك ذلك السواد الذي يَحول بينك وبين الله الذي يُنزِّل من السماء كل يوم الفرص والأرزاق، لترى بعدها ألوان الطيف التي تُشعُّ جمالاً من حولك.
- إبحث عن الأمر الواحد: غالباً هناك أمر واحد يُعيق تقدمك، إن (فعلته) أو (تحاشيته) ستُفتح لك أبواب كثيرة في طريقك إلى النجاح كانت تختبئ خلف هذا الأمر، حاول في العام الجديد أن تعلم ما هو هذا الأمر، وإن كنت تعلمه، إسأل نفسك: (لماذا لم تُقدِم على فعله إن كان حميداً؟) أو (لماذا لم تتحاشاه وتتخلص منه إن كان سيئاً؟)، من هنا إبدأ وسترى تغيراً كبيراً في حياتك لا محالة.
- إبنِ قيماً سامية: تنقلت كثيراً في حياتي، عشت حتى الآن في ٣ قارات و٥ دول، وفي كل مرة لم يُنقذني من فتن الحياة سوى القيم الراسخة التي أحملها في نفسي أينما ذهبت وتنقلت، وتلك القيم دائماً تحميني من الإندثار وتُعيد إليَّ توازني من جديد، فاجعل من ضمن خطتك للعام الجديد هدفاً لتحصيل قيم إنسانية جديدة، ولن تجد أفضل من كتاب الله لتحصيل تلك القيم.
- هاجر إلى الأفضل: مع الأسف الشديد الكثيرون يربطون آمالهم في النجاح بضرورة الهجرة أولاً إلى العالم الأول، وقد أتفهم ذلك، ولكن نسبة كبيرة لا يمكنها الهجرة بسبب الإجراءات الصعبة والمعقدة، أو بسبب أنهم لم يستوفوا الشروط، فما الحل إذاً؟ هل فكرت في أن تجعل هجرتك داخلية بدلاً من أن تكون خارجية؟ لا تستهين بتأثير البيئة، فقد يكون إنتقالك من المكان المتواضع الذي تحيا فيه اليوم داخل بلدك إلى مكان أفضل من المقومات التي ستساعدك على النجاح، فعلى سبيل المثال إن كنت تتمنى بأن تهجر الوظيفة وتمارس الأعمال الحرة من خلال مشروعك الخاص، فهذا لن يحدث إن كنت تحيط نفسك بمجموعة من الموظفين، لأنهم بكل بساطة سيحبطونك، ولن يفهموا ما تصبوا إليه لأنهم لا يملكونه، بينما لو أحطت نفسك بأصحاب المشروعات الخاصة والمهن الحرة فستجد أن هذا الأمر ممكن وليس مستحيلاً، وكلما عرضت عليهم فكرة مشروع … شجَّعوك، وقد يعرضون عليك مشاركتك فيه، لأنهم يتفهمون ما تنوي تحقيقه في حياتك، وكذلك البيئة أياً كانت، فعندما تحيا في مناطق راقية، سيساعدك ذلك كثيراً في بناء علاقات مع أناس من الطبقة التي تنوي الوصول إليها.
- لا تستهين بقدراتك: لا يمكنك أن تتخيل قدراتك التي تمتلكها إلاَّ إذا عملت على تفعيلها، ومع الأسف الشديد كثير منا يُبددها في التذمر من الواقع والخوف من المجهول، والحقيقة أننا لو عملنا على توظيف تلك القدرات في مشروع ما، لنجحنا نجاحاً باهراً، فبمجرد أنك تحيا في هذا الزمن الصعب، فبالتأكيد أنت تمتلك ما يكفي من الطاقة كي تبقى على قيد الحياة، فلا يمكن أن تكون إنساناً تحيا معنا في عصرنا الحالي وليس لديك قدرات، بل لديك الكثير منها والتي يمكنها أن تنقل جبلاً من مكانه، ولكن مهمتك أن تعمل خلال العام الجديد على إكتشافها واستثمارها.
- أتقن اللغة الإنجليزية: إن كنت من أولئك الذين مازالوا لا يتقنون اللغة الإنجليزية، فلابد من أن تجعلها على قائمة أولويات أهدافك للعام الجديد، فعلى الرغم من عشقي الشديد للغة العربية والتي أراها أجمل أنثى في الوجود، إلاَّ أنَّ النجاح بات منوطاً بالإنجليزية، وهذه حقيقة لا مناص منها، فاليوم لا يمكن تحقيق النجاح العلمي والمهني من دون تلك اللغة حتى في عالمنا العربي، وأفضل طريقة لذلك هو إحاطة نفسك بمن يتقنونها، سواء بشكل مباشر أو عن طريق الإعلام، وأفضل طريقة على الإطلاق هو البدء بإتقان الكلمات والمصطلحات التي تساعدك على إنجاز عملك اليومي، ومن ثم التوسع إلى المجالات الأخرى.
- القراءة وقائمة الكتب: جربت لسنوات عديدة أن أحصل على المعلومة من خلال الإعلام المرئي والأفلام الوثائقية، ولكن سرعان ما كانت تطير بعيداً وتذوب من غير رجعة، وبعد التجربة لم أجد أفضل من القراءة لتحصيل المعلومة بشكل مُتسق لترسخ في ذهنك إلي الأبد، وأوصي بالقراءة الورقية لأنها في نظري أفضل من الإلكترونية، لأنها تحوي في داخلها متعة القراءة واستشعار حجم الفائدة عندما تحملها بين يديك، إضافة إلى عشقي لرائحة ورق الكتب المطبوع والتي تشجعني على حمل الكتاب لتحصيل المزيد من المتعة والفائدة، فعليك بالقراءة، ولو لم تكن هي الوسيلة المُثلى لتحصيل المعلومة وترسيخها، لما أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على هيئة كتاب يُقرأ، فرفقة كتاب سُطِّرَت أفكاره هو أفضل طريقة لتهذيب النفس وشحذ العقل.
- ركز في أهدافك: عندما جربت أن أمارس الكتابة التقليدية على ورق، تفاجأت بحجم الإنتاج مقارنة مع الإلكتروني، والسبب يعود إلى التركيز وقلة التشويش، فكمية التشويش التي أتعرض لها عندما أكتب على الحاسوب أكثر بكثير، فبمجرد إتصالك بالعالم الإفتراضي من خلال الإنترنت وانشغالك بالإيميلات والتعليقات والرسائل التي تحتاج إلى قراءة وردود، يجعلك ذلك تفقد تركيزك لما تنوي تحقيقه من خلال الكتابة، لذلك أضطر كثيراً إلى تعطيل إتصالي بذلك العالم لأنجز شيئاً ذي قيمة، وهذا الأمر حملني على الإعتقاد بأنَّ قدامى الكتَّاب والمفكرين كانوا أكثر إنتاجاً في أعمالهم بسبب الكتابة التقليدية لشدة تركيزهم بما يقومون به مقارنة مع الكتابة الإلكترونية اليوم رغم روعتها وسرعتها في رصِّ الكلمات، وكذلك أهدافك التي تنوي تحقيقها في العام الجديد تحتاج منك إلى تركيز كبير جداً، الأمر الذي قد يجعلك تعتزل الكثير ممن حولك بهدف الإنجاز، فلا تشتت نفسك بأهداف خارج العام الجديد، فالتركيز هو كل ما ينقصك من أجل النجاح!
قد يكون هناك وصايا أخرى لرفع قيمة التخطيط وإنجاحه في العام الجديد، لكن هذا ما جال في خاطري، وأتمنى أن تكون تلك النقاط العشر بذرة لإنعاشك وشحذ همَّتك ~ كل عام وأنتم بخير!
مقال وافي ومفيد ولكن ممكن اضيف شئ؟؟؟-.قسم خطتك الكبيرة الى اهداف او خطط اصغر لتلافي اى احباط اذا سدت عليك المنافذ في تنفيذ الخطة الكبيرة والتعديل في الخطط الصغيرة اسهل -التدريب على استخدام البدائل ،، في كل خطوة نحو الامام ضع امام عينيك انها نسبة نجاحها 50%بالبدائل كن مستعد لتلافي ال 50%الاخري – ويرتبط بذلك المرونه ،لا تصنع قوالب جامدة لمستقبلك وجدران عالية ترتطم بها اهدافك ،و اخيرا تاكد انه ليس في قاموسك كلمة ” مستحيل “او ” لا اقدر”