ميل هورتيج.. نداء اليقظة لكندا

|

حسين يونس

توفي مساء أمس الكاتب والمؤرخ والناشط السياسي الكندي: (ميل هورتيج – Mel Hurtig) صاحب كتاب (الحقيقة حول كندا – The Truth About Canada) عن عمر يناهز ٨٤ عاماً متأثراً بمرض إلتهاب الرئة، وقد عُرف عنه أنه كان من أشد المعارضين لسياسات حزب المحافظين اليميني في السنوات الأخيرة عندما إنتهكوا الديمقراطية في كندا، وكان هورتيج من أفضل من نقد بلده وسياساتها الخاطئة في محاولة لتطويرها، كما أظهر الهاوية التي ستصل إليها البلاد في ظل إدارة سياسيين يفتقدون لأدنى درجات المهارات القيادية بسبب تبعيتهم العمياء لإدارات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة.

كان هورتيج يرى سياسات حزب اليمين المتطرف خطراً على الديمقراطية في كندا، فتصدى لهم بكل ما أوتيَّ من قوة وعزيمة، ولم يدع منبراً إلاَّ إعتلاه حتى بات يُعرف بـ (نداء اليقظة لكندا).

منذ عام ١٩٥٧م لم يكن لكندا موسوعة وطنية ذات قيمة، ورداً على ذلك ومن دافع القومية الكندية، أطلق هورتيج مشروعاً لإنشاء موسوعة جديدة تماماً بدعم من رئيس وزراء مقاطعة ألبرتا (بيتر لاويد – Peter Lougheed)، حيث تم توظيف أكثر من ٣٠٠٠ كاتب لإنجازها والتي باتت تُعرف بـ (الموسوعة الكندية – The Canadian Encyclopedia)، وأصبحت متوفرة اليوم بالمجان على الرابط التالي: http://www.TheCanadianEncyclopedia.ca.

تميَّز هورتيج بأنه قارئ نهم، إضافة إلى الواقعية والشفافية التي كان يكتب بها، فقد كان من أكثر الكتَّاب الذين تأثرت بهم في كندا، كان هورتيج يحب بلده كثيراً ويكتب للشعب من دافع وطني وقومي، كان شرساً في قناعاته ومعتقداته، الأمر الذي إفتقدته في العالم العربي … ذلك العالم الذي قل فيه الصادقون وكثر فيه المُطبِّلون! الذين يعملون ليل نهار على صنع أصنام تنافس الله في ألوهيته، كما لا يتوانون عن إخفاء عيوب أوطانهم لأسباب مازلت لا أفهمها … حتى قادوا الأمة وأجيالها إلى الهاوية الفكرية!

على الرغم من أنَّ هورتيج كان يعشق مدينته الأم (إدمنتون – Edmonton) في مقاطعة (ألبرتا – Alberta)، إلاَّ أنه قضى آخر ١١ عاماً إلى حين وفاته في مدينة (فانكوفر – Vancouver) في مقاطعة (كولومبيا البريطانية – British Columbia) ليكون بجانب بناته الأربعة اللاتي أحبهن كثيراً وعمل على رعايتهن ولم يُرهقهن بأنوثتهن كما هو الحال في ثقافات الجاهلية البائدة، وغادر الحياة وهو على سريره في مستشفى فانكوفر مُحاطاً بإناثه اللاتي أحب.

رحل هورتيج، ولكنه سيبقى من خلال إنجازاته نموذجاً فريداً لكل إنسان حر يحترم عقله ويُحب وطنه، ومن الجدير بالذكر أنه دائماً ما كان يُذكرني بالراحل (عبد الوهاب المسيري) رحمه الله، صاحب المشروعات الفكرية الضخمة.

أضف تعليق